كتب رئيس التحرير:
سارع كثيرون إلى مقارنة ما يحدث في سوريا هذين اليومين بما حدث في بعض محافظات العراق سنة (2014) وما بعدها حين تمكّن تنظيم داعش الإرهابيّ آنذاك من السيطرة على مناطق واسعةٍ قبل أنْ يتصدَّى له أبناء العراق من جيشٍ وشرطةٍ وحشدٍ وبيشمركه ليملؤوا الأرض ببقايا هذا التنظيم ويُعيدوا من بقي منهم من حيث أتوا.
المقارنة ناظرة إلى المرجعيات العقائديَّة التي يتقوّم بها الإرهاب هنا وهناك وهي مرجعياتٌ تتشابه في ظلاميتها ووحشيتها حدَّ التطابق.
قد يبدو هذا التوصيف مقبولاً، غير أنَّ بعض من يعقد مقارنة كهذه إنما يوحي بأنَّ خطراً يتهدَّد العراق شبيهاً بالخطر الذي شكّله داعش، وهو أما واهم أو مغرض أو مبالغ في أفضل أحواله، فحزمة الظروف السياسيَّة المحليَّة والإقليميَّة والدوليَّة التي هيّأت لإيجاد لحظة داعش لم تعدْ موجودةً، وعراق الأمس المضطرب سياسياً ليس عراق اليوم المستقرّ المتصالح مع مكوّناته والمنفتح على إقليمه. ثم إنَّ جيش العراق وقوّاته المسلحة أكفأ وأكثر استعداداً من حيث السلاح والتقنيَّة والقدرة البشريَّة.
في أحلك الظروف التي شهدتها المنطقة استطاعت الحكومة العراقيَّة النأي بالعراق عن صراع الأضداد، والابتعاد عن خنادق المتمترسين وراء شعاراتهم، وتمكّنتْ من اجتياز أزماتٍ عدَّة بهذه العقليَّة التي تُغلّب المصلحة الوطنيَّة على كلِّ معطى آخر. وكانت الأزمة الأخيرة التي شكّلها العدوان الصهيونيّ على غزّة ولبنان مثالاً حياً لقدرة الحكومة العراقيَّة على تخطي العقبات الكبرى.
هذه هي الوصفة التي نجابه بها التحديات: جبهة داخليَّة متماسكة وقوات مسلحة مستعدة للدفاع عن الوطن وشعب ذو خبرةٍ بتلقين الإرهاب دروساً لا تُنسى.