كيان الأزمات

الأولى 2024/12/03
...

 كتب رئيس التحرير:

انتقل الصراع من جنوب لبنان إلى سوريا، ومعه انتقلتْ أنظار العالم واهتمامه الإعلاميّ وحراكه السياسيّ إلى بقعةٍ جديدة، وفي ذلك تخفيفٌ للضغط على الكيان الصهيونيّ الذي واجه في المدَّة المنصرمة حزمة ضغوطٍ داخليَّة متمثلة في الاحتجاجات ضدَّ الحكومة بشأن الأسرى، وخارجيَّةٍ ابتدأتْ قبل إصدار المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة مذكرة إلقاء قبضٍ بحقِّ رئيس وزراء الكيان وتفاقمتْ بعده، دون أنْ ننسى أنَّ نتنياهو نفسه ينتظر محاكمته داخلياً بسبب قضايا فسادٍ متراكمة.
لذلك فإنَّ التحليل الذي يربط بين أزمات الكيان الصهيونيّ وما يحدث في سوريا اليوم يتوافر على منطقٍ متماسك، خصوصاً أنَّ المتابع لسياسات الكيان يجد أنه دأب على إشغال دول المحيط بأزماتٍ متلاحقةٍ بغية الوصول إلى موقفٍ يُتيح للكيان التصرّف بحريَّةٍ أكبر أو كسب مزيدٍ من نقاط القوّة في حربه أو مفاوضاته على السواء.
قادة الكيان صرَّحوا منذ بدء الأزمة السوريَّة أنهم يراقبون الوضع هناك عن كثب، لكنَّ الحقيقة أنّهم يتحرّكون في سوريا ويُلقون بأبصارهم بعيداً صوب إيران، فمن أهمِّ المطالب التي يرومون تحقيقها من خلال هذه الهجمة الإرهابيَّة على سوريا هو إضعاف المحيط الحيويّ للنفوذ الإيراني. وجميعنا يتذكّر ما قاله نتنياهو في كلمته التي أعلن فيها الاتفاق مع لبنان بأنَّ هذا الاتفاق أتاح له التفرّغ للملفِّ الإيرانيّ.
مسار الأحداث على الأرض يكشف عن أنَّ الحكومة السوريَّة استوعبت الصدمة وبدأتْ تأخذ زمام المبادرة وهو ما يدعو إلى الأمل بانتهاء هجمة الإرهاب وعودة الأمور في سوريا إلى سابق عهدها. حتى لو حدث ذلك فسيكون الهدوء مؤقتاً وهشّاً وقابلاً للانفجار بوجود كيانٍ هو آلة كبيرة لإنتاج أزمات المنطقة والعالم.