اليوم السبت موعد نشر هذا المقال ستكون أو سيكون لدينا على الأرجح وزيرة/ وزير للتربية. رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وعد أول أمس الثلاثاء خلال مؤتمره الصحفي الاسبوعي بتقديم “مرشحة للتربية”، وهو ما يعني أنَّ المنصب بات من حصة النساء (هل حقاً الأمر هكذا؟) في حكومة يهيمن عليها الذكور.
قِسْمَةٌ ضِيزَى و”نص”. البرلمان الذي صوت بعد انتظار لثمانية شهور على الوزراء الأمنيين خلال ثماني دقائق هو من أفشل المرشحة السابقة للتربية سفانة الحمداني. الديمقراطية هي هكذا وعلينا الاحتكام الى نتائجها.
لا أستطيع الجزم أنَّ الوزيرة البديلة لثلاث سيدات سبقنها وفشلن في نيل ثقة البرلمان لأسباب متباينة مثلما هو معروف ستمر اليوم. لكنَّ الأمر لم يعد قابلاً لمزيدٍ من المماطلة. كل الظروف ليست الى جانب الكتل السياسيَّة. المرجعية منحت الكتل إنذاراً أخيراً. الشعب هو الآخر لم يعد في قوس صبره منزعٌ. الصيف اللاهب بدأ يدق نواقيس الخطر. الحرائق امتدت الى كل شيء في الوطن الغارق في هم آخر هو التصعيد بين الصديقين له العدوين لبعضهما أميركا وإيران. الأنواء الجوية “سوتها بلا ملح”، يوميَّة جاءت الموجة راحت الموجة.
وبوصفي من أصحاب نصف الكأس الملآن التي بات يلومني عليها العديد من الزملاء والأصدقاء فإنَّ قطار الحكومة بات يسير على السكة. أصبح لدينا وزيران للدفاع والداخلية وبذلك انتهينا من عقدة نفسيَّة كبيرة. التصويت على الدرجات الخاصة بدءاً من مدير عام فما فوق هو الآخر بدأ برغم بوادر التمديد لشهور إضافية لا نعرف الدوافع من ورائها غير ما هو معلن وهو عدم القدرة على غلق هذا الملف في نهاية هذا الشهر. وفي حال مشت مرشحة التربية اليوم فإنَّ الحكومة التي كان ينقصها أربعة وزراء لم يعد ينقصها سوى “التربية”!!!
لكن هل التربية للكتل أم للشعب أم للمرأة؟
هذا السؤال بالفعل نحتاج الى إجابة عنه. إذا كانت للكتل وهو الأرجح طبقاً للتقسيم الذي درجت عليه العملية السياسيَّة بعد العام 2003 فلماذا لا تقدِّر هذه الكتل أهمية وزارة بحجم وزارة التربية وتصر على أنْ تكون من حصة فلان أو علان؟ أما إذا كانت للشعب وهو ما ينبغي أنْ يكون عليه الأمر لجهة بناء الدولة من منطلق أنَّ هذا البناء يبدأ من رياض الأطفال صعوداً وهي مسؤولية وزارة التربية فإنَّ الترشيح لمن يتولاها يجب أنْ يكون خارج المحاصصة تماماً. أما إذا كانت للمرأة فهنا يختلف الأمر. لماذا تُمثل المرأة بحقيبة واحدة في حكومة مكونة من 22 حقيبة؟ لماذا المرأة ممثلة في البرلمان على أساس الكوتا وتمثل 25 % من نسبة أعضاء البرلمان بينما نسبة المرأة في الحكومة دون ذلك بكثير؟
وهل أنَّ اختيار سيدة للتربية جاء بسبب خصوصية هذه الوزارة التي يجب أنْ تديرها سيدة وليس رجلاً ولا أعرف سبباً لذلك أم خصوصيَّة المرأة التي لا تستطيع إدارة وزارات مثل الخارجية (في أميركا تولت أولبرايت وهيلاري كلنتون هذا المنصب) أو الداخلية (وزيرة الداخلية اللبنانية إمرأة) أو الدفاع “أعتقد وزيرة الدفاع في ألمانيا وفرنسا أو إحداهما في الأقل سيدة). لماذا لا تمنح مثلاً التعليم العالي أو العمل والشؤون الاجتماعية أو الاتصالات أو الهجرة والمهجرين. أسئلة تبقى بلا أجوبة طالما أنَّ لدينا إشكاليَّة عامة في أمورٍ كثيرة وكان علينا التهاون في كل شيء.. إلا التربية.