كتب رئيس التحرير:

في غمرة الأنباء المتلاحقة عن أزمات المنطقة وما يحدث فيها من تقلّباتٍ تُثير القلق والترقّب، يأتيك خبرٌ مفرحٌ يكسر الإيقاع الحزين الرتيب: أُعلن يوم أمس عن اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربيَّة للسنة المقبلة (2025).
الخبر ذو دلالاتٍ كثيرةٍ بعضها سياسيّ وبعضها الآخر له جنبة أمنيَّة وأخرى ثقافيَّة. ففي الشقِّ السياسيِّ يأتي اختيار بغداد عاصمة للسياحة تتويجاً لجهود حكومة السيّد محمّد شياع السودانيّ في بسط الأمن داخلياً، وفي رسم صورةٍ جديدةٍ للعراق خارجياً جعلتْ منه دولة تتعاطى مع الأزمات الكبرى بنضجٍ سياسيّ كبير.
هذا الإنجاز يحمل علامة على أنَّ عاصمة العراق التي شهدتْ خلال العقود المنصرمة اضطراباتٍ وصراعاتٍ وانفلاتاً أمنيّاً إلى الحدِّ الذي كان مجرَّد ذكر اسمها يُثير مخاوف من يسمعها، بات يكتنفها السلام اليوم لتكون مقصداً للسائحين العرب.
هذا جزءٌ يسيرٌ ممّا تستحقه بغداد المتجذرة في التاريخ بمقدار تجذرها في وجدان العرب، والحائزة على لقب "مدينة السلام" قديماً، وهي في طريقها لاستعادة لقبها الخالد هذا.
أيّامٌ قلائل وستبدأ السنة الجديدة، ومعها سيأتي السائحون من كلِّ عواصم العرب ليروا بغداد وقد نفضتْ عنها غبار الحروب وتزيّنتْ لتكون لائقة بمجدها القديم وستُثبت لهم أنَّ اختيارها عاصمة للسياحة العربيَّة إنجازٌ للعرب قبل أنْ يكون إنجازاً لهذه المدينة العظيمة.