عبدالهادي مهودر
في العاشر من شهر كانون الأول من العام ألفين وسبعة عشر أتمت القوات العراقية عملية تحرير مدينة الموصل بعد احتلالها لثلاث سنوات من قبل تنظيم "داعش" الإرهابي أو دولة الخلافة الإسلامية في العراق والشام ، وكان حدثاً مفصلياً يستحق أن يحتفل به ، وقد فتح تحرير المدينة صفحة جديدة على الصعيد الداخلي وأصداءً إقليمية ودولية واسعة.
والمدن لا تسقط فجأة حتى تحين لحظة سقوطها الرسمية ، مثلما لم تتحرر الموصل فجأة من دون مراحل قتال واستبسال من حي إلى آخر حتى لحظة إعلان النصر عند المربع الأخير من الساحل الأيمن للمدينة القديمة الذي شهد أعنف المعارك وكان آخر مساحة تتحرر بعد مطاردة من شارع إلى شارع ومن بيت إلى بيت، ويحمل الكثير من المقاتلين والمراسلين الحربيين العراقيين ذكريات عن وقائع وأحداث رافقت عمليات التحرير ومازالت في الذاكرة أو طواها النسيان على الرغم من قرب الحدث ووجود الشهود ، ومازالت الفرصة سانحة لتأخذ قصة الموصل، ما بين الاحتلال والتحرير، استحقاقها في الدراما العراقية كأحداث تاريخية كبيرة عصفت بأهم وأشهر مدن العراق وأكثرها تميُّزاً بتنوّعها الديني والقومي والمذهبي، ولذلك عادت الموصل سريعاً إلى وضعها الطبيعي بل وإلى وضع أفضل مما كانت عليه لأن المدن العريقة تؤذيها الرياح العاتية لكنها لا تقدر على اقتلاع جذورها الضاربة في عمق الأرض والتاريخ ، وليست الموصل وحدها فجميع المحافظات المحررة من سيطرة الإرهاب عادت أفضل مما كانت عليه وتركزت جهودها على المنافسة في البناء وتحقيق الاستقرار ، والدرس الأهم للعراقيين من أيام "داعش" والتضحيات الكبيرة التي بذلوها هو غلق الطريق أمام عودة الإرهاب والمقدِّمات التي مكنته من احتلال المحافظات.
وللاحتفال بذكرى تحرير الموصل هذا العام رسائله المختلفة من حيث التوقيت عن الأعوام السابقة حيث الظرف الحسّاس الذي تعيشه المنطقة وذكريات التجربة المريرة التي عاشها الشعب العراقي بجميع مكوّناته لكنه خرج منها بعلامة النصر .