كتب رئيس التحرير:
انطلقتْ أمسِ في الكويت بطولة الخليج لكرة القدم بنسختها السادسة والعشرين، وقد سبقتْها أحاديثُ كثيرةٌ لرياضيين كويتيين بشأن صعوبة تنظيم بطولةٍ ناجحةٍ بعد النجاح الباهر للنسخة السابقة التي احتضنتْها البصرة.
بطولة الخليج غريبة. هي بطولة ودّيَّة لكنّها في نفوس ومشاعر أهل الخليج أهمُّ من بطولاتٍ قاريَّةٍ وعالميَّة. يختلط فيها الرياضيّ بالشعبويّ بالسياسيّ اختلاطاً عجيباً. شهدتْ كثيرٌ من دوراتها مصالحاتٍ سياسيَّةً بين الدول تحت غطاء كرة القدم، وارتفعتْ أحياناً حساسياتٌ سياسيَّة بسبب مباراةٍ، وفي المحصّلة أصبحتْ فولكلوراً خليجياً يبدأ بصافرة حكمٍ لكنّه ينتهي عند هويَّةٍ اجتماعيَّةٍ يحرص الخليجيون على تأكيدها. البطولة أقربُ إلى المهرجان الاحتفاليِّ منها إلى المسابقة الرياضيَّة. كان ذلك واضحاً في النسخة السابقة التي كشفتْ فيها البصرةـ والعراق كلّه ـ عن تَوْق العراقيين إلى احتضان أشقّائهم، وكشفتْ في الوقت عينه عن تغيّر صورة العراق في عيون أجيالٍ خليجيَّةٍ لم يكونوا يعرفون عن العراق سوى ما تأتي به نشرات الأخبار. عبَّرت الحكومة العراقيَّة عن اهتمامها بهذه البطولة حين أعلن السيّد رئيس الوزراء محمّد شياع السودانيّ عن شراء حقوق نقل وقائع البطولة وجعلها متاحة لكلِّ القنوات العراقيَّة. وهو أمرٌ يُشير إلى التناغم مع مزاج العراقيين الذين يتابعون هذه البطولة بشغفٍ كبير، شأنهم شأن كلِّ شعوب الدول المطلّة على الخليج.
علّمتْنا هذه البطولة أنَّ الاستثمار في الرياضة لا خسارة فيه، فهو يوحِّد ويجمع ويُذيب الاختلافات ويُقرِّب المتباعدين ويمكن أنْ يكون حقلاً مسانداً للجهد الدبلوماسيِّ الباحث عن المشتركات.