د. علاء هادي الحطاب
في المناطق التي تشهد نزاعات قوميَّة او عرقيَّة او مذهبيَّة او مجتمعيَّة، تحتاج الدول إلى مجموعة استراتيجيات في سبيل الوصول بتلك المناطق وابنائها إلى مصالحة مجتمعية وبناء سلام دائم بعيدا عن الثأر والثأر المقابل، إذ إن تلك المناطق شهدت عمليات قتل وتهجير من قبل فئات معينة ضد أخرى، وحتما يؤدي هذا الأمر إلى وجود ضحايا مقابل وجود منتهكين لحقوق الإنسان.
وفي سبيل انصاف الضحايا ومعاقبة المنتهكين بلا ثأر جماعي يؤدي إلى إعادة دورة العنف مرة أخرى، وإعادة مسببات النزاعات وتحويل الضحية إلى جلاد والجلاد إلى ضحية، تلجأ الدول إلى استراتيجيات متعددة ومن هذه الاستراتيجيات او الوصفات "العدالة الانتقاليّة" القائمة على آليات مجربة دوليا لتجاوز استمرار دوامة العنف والثأر المجاني.
كشف الحقائق من خلال لجان محايدة مختصة، ومقاضاة مرتكبي الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وفحص سجلات الموظفين والمسؤولين عن تلك الانتهاكات وصولا إلى المصالحة الوطنية، آليات مجربة لنجاح استراتيجية العدالة الانتقالية.
ولأن محافظة نينوى والمحافظات التي احتلتها عصابات داعش شهدت نزاعات متعددة كان فيها طرفا معادلة "ضحايا ومنتهكين لحقوق الإنسان" كان لزاما على الدولة وضع استراتيجيات لمعالجة ذلك، لاسيما مع وجود الالاف من أسر العناصر الإرهابية في تلك المخيمات وأهمها مخيم الهول في سوريا وبقاء هذه الأسر بلا علاج نفسيّ يمكنهم من الاندماج المجتمعي، سيؤدي إلى تحولها - أطفال ونساء- إلى عبوات ستنفجر حالما تجد الزمان والمكان المناسبين لذلك، لأنهم وخلال تلك السنوات يعيشون بوصم اجتماعي جعلهم مرفوضين مجتمعيا.
حسنا فعلت وزارة الهجرة العراقية بإعادة هؤلاء إلى مخيم الجدعة العراقية بعد اجراءات تدقيقية معينة، وحسنا فعلت الوزارة بتغيير اسم "مخيم الجدعة" لاستقبال العراقيين العائدين من مخيم الهول إلى "مركز الأمل لتأهيل العائدين".
وقد اطلعت من الزميل الدكتور كريم النوري على ملف مهم عملت عليه الوزارة لتأهيل هؤلاء العائدين.