وليد الحلي
أصبح الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، رمزاً للعدل والرحمة والحكمة.
قال رسول الله محمد ( صلى الله عليه وآله) للإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام):
(أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي)
فبداية تمثل ولادته في جوف الكعبة المشرفة (13 رجب 23 ق هـ الموافق 17-3-599م) حيث لم يولد قبله أو بعده أحد في بيت الله الحرام، فضيلة ربانية لإعلاء دوره القيادي في ترسيخ قيم العدالة الإنسانية والمساواة بين الناس.
كان الإمام علي (ع) حريصاً على نشر الرحمة والتسامح بين البشر، وتوجيهاته مثلت منهجاً متكاملاً في القيادة الرشيدة والإدارة، حيث أكد على:
• أهمية تعليم النفس قبل الآخرين، ليكون القائد قدوة عملية.
• اختيار الكفاءات في المناصب القيادية بناءً على الأخلاق والحكمة.
• العدل والإنصاف مع الجميع، بغض النظر عن القربى أو المصالح الشخصية.
• الثبات والصبر في مواجهة الأزمات والتحديات.
• التواضع ونبذ العصبية والتكبر، وإعلاء قيم المساواة بين الناس.
إن عمق إنسانيته يوضح منهجه وسيرته الذي كان نموذجاً خالداً يُستلهم منه في كل زمان ومكان، ومن معالم إنسانيته العظيمة إهتمامه بالمفاهيم الآتية:
1 - الرحمة بالرعية والعدل بين الناس: قوله (ع): (وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
2 - تعليم النفس قبل تعليم الآخرين: قوله (ع): (إنَّ من نصب نفسه للناس إماما فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، فمعلم نفسه ومؤدبها أحق بالإجلال من معلم الناس).
3 - مشاورة العلماء والحكماء: قوله (ع): (وأكثر من مدارسة العلماء، ومنافسة الحكماء في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك).
4 - اختيار الأكفاء للحكم بين الناس: قوله (ع): (ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك، ممن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلة، ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه....).
5 - العدل والإنصاف مع النفس والمقربين: قوله (ع): (أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ومن خاصة أهلك ومن لك فيه هوى). أي العدل والإنصاف من نفسك وخاصتك والمقربين منك، حتى يتحقق العدل والمساواة بين الجميع، ولا تنخر آفة الفساد والمحسوبية والمنسوبية جسد الدولة وتحولها إلى نهب لكل الطامعين.
6 - الصبر وتحمل البلاء: قوله (ع): (وعليكم بالصبر، فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، ولا خير في جسد لا رأس معه، ولا في إيمان لا صبر معه).
7 - التعصب للمكارم والمحامد: قوله (ع): (فليكن تعصبكم لمكارم الخصال، ومحامد الأفعال، ومحاسن الأمور).
8 - التضحية من أجل المصلحة العليا للبلاد: قوله (ع): (لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة)..
9 - تنظيم العلاقات الاجتماعية: قوله (ع): (أَصْدِقَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ، وَأَعْدَاؤُكَ ثَلاَثَةٌ، فَأَصْدِقَاؤُكَ: صَدِيقُكَ، وَصَدِيقُ صَدِيقِكَ، وَعَدُوُّ عَدُوِّكَ، وَأَعْدَاؤكَ: عَدُوُّكَ، وَعَدُوُّ صَدِيقِكَ، وَصَدِيقُ عَدُوِّكَ).
10 - حمل كلام الناس على المحمل الحسن: قوله (ع): (لا تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سُوءاً وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا في الخير مُحْتَمَلا).
11 - الدعوة إلى التواضع ونبذ التكبر: قوله (ع): (فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية وأحقاد الجاهلية..).
12 - التمسك بالحلم وضبط النفس: قوله (ع): (الْحِلْمُ غِطَاءٌ سَاتِرٌ، وَالْعَقْلُ حُسَامٌ قَاطِعٌ، فَاسْتُرْ خَلَلَ خُلُقِكَ بِحِلْمِكَ، وَقَاتِلْ هَوَاكَ بِعَقْلِكَ).
لله درك ياأمير المؤمنين (ع) لم تكتفِ بعلاج هموم المجتمع ومشكلاته وتحدياته رغم وجود فتن الكراهية والتمييز والجاهلية فحسب، وإنما استثمرت النقاط الإيجابية في شخصية الإنسان والمجتمع لمعالجة الخلل والنقص في شخصياتهم قبل الشروع بالعملية الإصلاحية لنهوض المجتمع إلى التغيير المطلوب.