كتب رئيس التحرير:
توقفت الحرب في غزّة إلى حين. فلقد علّمَنا تاريخ الصراع مع الكيان الصهيونيِّ أنّه يُنهي حرباً ليستعدَّ لأخرى. الذين أسَّسوه يعرفون أنهم أسَّسوا ثكنةً على هيأة "دولة"، وزرعوا في قلب الشرق الأوسط آلةً كبيرةً لإنتاج حروبٍ لا تكاد تنتهي إحداها حتى تُحاك في الخفاء أسباب حربٍ أخرى.
لا عزاء لأحدٍ في هذه الحرب. لا عزاء لأسر أكثر من خمسين ألفاً من شهداء غزّة، ولا لمئات الآلاف من المصابين إصاباتٍ ستترك أكثرهم فاقدي الأطراف والأمل بحياةٍ سويَّة. ولا عزاء للأمهات اللواتي ودَّعْنَ ثمرات أرحامهنَّ وهُنَّ ينظرْنَ إلى الوحش الكاسر يلتهم أطفالاً ولا يشبع. لا عزاء لآلاف الشهداء الآخرين في جنوب لبنان.
لا عزاء لنا في خسارتنا الأكبر، أعني فَقْدَ السيّد نصر الله ورفاقه من المقاومين الذين أرادوا أنْ يكونوا ذوي ضمائر مثقلةٍ بالواجب في زمنٍ يسخر من أصحاب الضمير، فتحقّق لهم ما أرادوا وارتقوا أنقياء خالدين.
ابتداءً من الأحد المقبل ستصمتُ المدافع وتخلو سماء غزّة من هدير الطائرات، ويعود الغزاويون إلى بيوتهم "أعني إلى ما بقي من أنقاض بيوتهم" وسينشغلون بتذكّر أبنائهم الذين ذهبوا.
يوم الأحد، على العالم كلّه أنْ يصمت ولو لدقيقةٍ واحدةٍ ويُسائل نفسه عمّا حدث، كيف أنّه أدار وجهه عن شعبٍ أعزل كان الموت يأتيه من السماء والأرض دون أنْ يقول للوحش توقّفْ.
عزاؤنا الوحيد أنَّ نوايا العدوّ في ترحيل الفلسطينيين سقطتْ. وخطة جنرالاته تهاوتْ، والخطط الخبيثة للتهجير إلى سيناء صارتْ رماداً، وشعارات عدم تسليم نتساريم أخفقتْ. وبعد كلِّ هذا وذاك أسقطتْ هذه الحرب قناع التحضّر عن وجه الشيطان.
المجد للشهداء!