فقاعة سعريَّة

اقتصادية 2019/07/03
...

محمد شريف
الضجة التي أثيرت حول ارتفاع أسعار بيض المائدة لا تبدو منطقية في سياق حركة السوق التي يفترض أن تخضع لقانون العرض والسعر، اذ ان قرار وزارة الزراعة كان موضوعياً حيال وفرة المنتج المحلي من بيض المائدة، في هذا الوقت تحديداً، بما يؤمن حاجة الطلب المحلي بعد النجاحات الواضحة في أعمال مشاريع بيض المائدة التي وفرت الآلاف من فرص العمل للأيدي العاملة في هذه المشاريع.
 كان من الواجب حماية هذا المنتج المحلي ومنحه الدعم اللازم، بما يضمن تكريس هذه النجاحات التي يمكن أن تنسحب باتجاه تطوير نمو القطاعات الساندة، من قبيل “ قطاع صناعة أعلاف الدواجن وتجارة مستلزمات بناء الحقول وصناعة الأدوية واللقاحات، فضلاً عن تشغيل الحافلات الانتاجية في عمليات التسويق ونقل المعدات وسواها” وبالتالي الاسهام في تدوير عجلة عموم قطاع صناعة الدواجن والقطاعات الساندة الأخرى وتوفير المزيد من فرص العمل، علاوة على المساهمة في وقف تدفق العملة الصعبة الى خارج البلاد.
بيد ان هذا الأمر لم يرق وعلى ما يبدو للمنتفعين من استمرار استيراد هذا المنتج من الجارتين ايران وتركيا، ازاء فارق سعر صرف الدولار للدينار العراقي مقابل انخفاض سعر صرف عملات الجارتين بما يحقق أرباحاً طائلة للمستوردين على حساب المنتج المحلي والاقتصاد الوطني، ولسنا هنا بصدد الحديث عن جودة وسلامة المنتج المحلي بعد ثبوت حالة الاصابة بمرض انفلونزا الطيور في هاتين الدولتين، الأمر الذي قد يعرض قطاع الدواجن الوطني للاصابة ثانية بهذا المرض بعد اعلان خلو البلاد منه.
الأمر الذي يؤكد ان قرار وزارة الزراعة كان في موضعه الصحيح، الا ان الضجة التي قادتها صفحات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، فعلت فعلها الدعائي على الرغم من تبنيها لوهم الفقاعة السعرية، بعد اختفاء المنتج المستورد الرخيص الثمن الذي كان يغرق بعض الأسواق المحلية دون غيرها اذ لم تتجاوز أسعار المنتج المحلي، معدلاته السابقة الا في حدود ضئيلة هنا أو 
هناك.    
وعلى هذا فان تحميل المربين مسؤولية “ابقاء اسعار بيض المائدة عند سعر خمسة آلاف دينار للطبقة الواحدة ومنعه من الارتفاع في الاسواق المحلية”، يخلي مسؤولية الذين وقفوا وراء الضجة الاعلامية، وفي مقدمتهم من سعى ويسعى لابقاء القطاع الزراعي في حالة من التراجع لادامة حالة الاغراق، ويبعث برسالة ايجابية لهؤلاء في سياق القول ان وزارة الزراعة “ ستناقش فتح الاستيراد من جديد في حال اخلال المربين بالاتفاق”. الأمر الذي يمكن أن يرجح احتمالات تصاعد هذه الحملة الى حين فتح الاستيراد، ما لم يتم الفصل بين المربين وبين المنتفعين من الاغراق.