بغداد: الصباح
مؤخراً، أقام نادي السرد في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق جلسة احتفاء بالقاص ميثم الخزرجي بحضور واسع.
وفي الجلسة التي ركز النقاد المشاركون فيها على مجموعته القصصيَّة "متنزّه الغائبين" تحدث الروائي حسين محمد شريف الذي أدارها قائلاً: لا يكتب القصة بوصفها فنّاً فحسب وإنما يكتبها ليفكّر من خلالها ويستفزنا للتفكير، القاص ميثم الخزرجي هواهُ في الكتابة إذا جاز القول (ستيني) فهو يعتمد على الاطالة في كتابة القصة قد تصل أحياناً الى 4000 كلمة، ولذلك أسباب تتعلق بشخصيته.
وقال الروائي حسين محمد شريف: لا أعرف مدى صلاحيتي أن أسبغ عليك صفة ولكني سأصفك باعتبارك تذهب إلى قضية الوجود واشكالياته، فأزعم أن أسميك "بحارس الدازين" الذي تحدث عنه الفيلسوف مارتن هايدجر.
ولد ميثم الخزرجي في النجف وحصل على ماجستير علوم الحاسبات تخصص ذكاء اصطناعي، وهو عضو الاتحاد العام للأدباء والكُتاب في العراق، وعضو اتحاد النجف، وأمين الشؤون الثقافية السابق في إدارة نادي السرد في اتحاد فرع النجف، ومن مؤلفاته "بريد الآلهة: قصص قصيرة الفائزة في مسابقة الشباب عن اتحاد الأدباء والكتاب العراقي لعام 2019، النزوح نحو الممكن 2020، كما وشارك في ملتقيات عدة للسرد من أهمها ملتقى الشباب العربي المقام في دولة الكويت من خلال ترشيحه لتمثيل العراق بالقصة القصيرة عام 2017، وشارك ببحث عن "تحولات النظام الثقافي في الرواية العراقية المعاصرة" في مهرجان بين ثقافتين في السعودية عام 2024، وغير ذلك.
وتحدث الخزرجي في الجلسة عن تجربته الشخصية وكيف كان للبيت الدور الكبير في تكوينه الثقافي والمعرفي، وقال: كانت تربيتي الشعرية والفكرية جيدة، ففي سن مبكر تعرّفت على اسماء مهمة لها مشغلها ودرايتها في النتاج الفلسفي والمعرفي، وقد دخلت للمشهد الثقافي بوصفي باحثاً عن الحقيقة، ولم ادخل ككاتب، ولكني لا أعرف كيف تحولت إلى عالم السرد، وربما كان المسوّغ الأكثر واقعيّة هو أنني وجدت باستطاعتي أن أوظف السؤال الجدلي في هذه المساحة.
وأكد وفقاً لقناعاته: ليس من وظيفة النص الجمالي الآن أن يعطي لنا المتعة فقط، لكن عليه أن يثير هذه الاسئلة الديالكتيكية الجدليَّة، ونحن نعرف جميعا أن النصوص التي وصلتنا عبر الحضارات هي نصوص إنسانيّة.
وتناول الناقد د. جاسم الخالدي عبر ورقته النقديَّة الحديث عن المجموعة القصصية "متنزّه الغائبين"، وكيف أن قصة "الدائرة القصيَّة" تحمل أسلوباً مليئاً بالتفاصيل النفسية والاجتماعية وتظهر أيضا العوالم الداخلية للشخصيات مما يجسد رؤية ذاتية عملية في فهم الحياة، بل في معنى الحياة، وتسلط الضوء على التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجهها المرأة في المجتمع.
كما وتحدثت الناقدة رنا صباح عمّا تحمله قصص المجموعة من جوانب علمية بوصفه الصنف الأدبي الأنسب لاحتواء الفكرة كفلسفة طاغية، حيث تمكنت هذه الفلسفة من إشعال حواس القاص ليبعث رسالة تحذيريَّة عن المقبل، وخاصة في القصص التي ذات المنحى العلمي معتمداً على اختراق ما فوق الطبيعي لليوم الرتيب.
أما الناقدة أشواق النعيمي، فقالت: لم تعد القصة هي نص ابداعي يتفاعل معه القارئ سلباً أو إيجاباً، بل تعدى ذلك إلى التأثير النفسي على القارى ودفعه للاشتباك الفكري مع شخصيات القصة، خاصة ذات الطابع السيكولوجي، و"متنزّه الغائبين" أنموذج لهذه القصص التي تؤثر في القارئ لاهتمامها بالأبعاد النفسية للشخصيات والتأثير السلوكي للصدمات والاشتغال على منطقة اللاوعي وهي مخزن الألم العاطفي والثيمة التي تحرك القصص.
من جهته تحدث الناقد د. أحمد الظفيري بداية عن كونه ناشراً لهذه المجموعة ومدى تواصله مع القاص ميثم الخزرجي وإطلاعه على قصص المجموعة واهتمامه الكبير بنشرها لتميزها.
وقال إنّ "قصص المجموعة المحتفى بها لا تنطلق من الحكاية بقدر ما تنطلق من الفلسفة وهذا ما يميزها، لقد اعتدنا قراءة القصص التي تمثل حكايات لكن من النادر أن نقرأ قصة تحفزنا على السؤال والتفكير".
وأشار إلى أنّ مرجعيات المجموعة القصصيَّة "متنزّه الغائبين" هي علمية وفلسفية أكثر من كونها مرجعيات واقعيَّة، بمعنى أن الخزرجي خرج من الواقعية الطبيعية التي يكتب فيه جل الأدباء لقصصهم، كما تناولت المجموعة قضايا مفصليَّة في الحياة ومهمة وصراع الإنسان مع الطبيعة والتكنولوجيا و"الفيروسات"، وهذه الأشياء لم تعد مستقبليَّة فنحن نعيشها الآن.