وفاة المعلم الجميل

ثقافة 2025/01/27
...

علي حمود الحسن    




 توفي المعلم الجميل، عبد الوهاب الدايني عن عمر ناهز الـ (91) عاماً، إذ توقف قلبه المنهك بـ " ضيم" العراق، وبذلك انطوت صفحة أخرى من صفحات الفن العراقي الرفيع، إذ لم يكن الدايني مخرجاً وكاتب سيناريو وممثلاً حسب، إنما كان فناناً ملتزماً انحاز لهموم شعبه، فتحمل تبعات ذلك؛ سجناً وحكماً بالإعدام خفف فيما بعد إلى مؤبد، ليخرج بعفو بعد انقضاء سبع سنين عجاف في السجن.

 الدايني المولود في المحمودية عام 1934، التحق بمعهد الفنون الجميلة، ثم ابتعث إلى إيطاليا، فدرس السينما، رغم تخصصه بالمسرح أيام المعهد، وحصل على الدبلوم العالي في السينما، فضلاً عن خبرة معتبرة اكتسبها بالعمل كمساعد مخرج مع صانع الأفلام الإيطالي الشهير دي سيكا في فيلم "الساحرات"، عاد إلى بلده ليدّرس في معهد الفنون الجميلة، لكنه لأسباب سياسية وجد نفسه مدرساً في إحدى مدارس بغداد الثانوية، وقد تبدو سابقة أن طلاب المعهد نظموا إضراباً واحتجاجاً، مطالبين بعودة أستاذهم الوسيم والرصين، الذي نال شهرة واسعة أيام كان طالباً في المعهد، إذ اختاره المخرج عبد الهادي الراوي بطلاً لفيلمه "عروس 

الفرات".

ينتمي عبد الوهاب الدايني إلى الجيل الثاني من الفنانين المؤسسين الذين أثروا المشهد الثقافي العراقي، ومنهم سعدون العبيدي، قاسم محمد، وعبد الله جواد، وقاسم حول، ومحسن العزاوي، وخالد سعيد. 

قدم الدايني أعمالاً مسرحية عديدة إخراجاً وتأليفاً، أبرزها: مسرحية "البيت الجديد"، و"العطش والقضية"، و"بهلوان آخر الزمان"، وآخر أعماله "الحفارة". 

ومن جهة أخرى كتب سيناريو الفيلم الكوميدي "فائق يتزوج" الذي نجح نجاحاً كبيراً، ومثل دور البطولة في فيلم "سنوات العمر" للمخرج جعفر علي، الذي لم يعرض قط لخلاف المخرج مع المنتج. 

وعلى الرغم من قلة إنتاجه بسبب الظروف التي مر بها، فضلاً عن صرامة معايير الراحل الكبير في اختيار أعماله، إلا أن معظم تمثيلياته التلفزيونية ومسلسلاته نجحت نجاحاً كبيراً وأثرت عميقاً في الجمهور، منها "عبود يغني"، و"عبود لا يغني"، و"الحياة حلوة.. من وجهة نظر امرأة"، و "حضرة صاحب السعادة"، و"قبل رحيل المواسم"، و" كرايب المدير العام"، و"أقوى من الحب"، و"الهجرة إلى الداخل"، و"جذور وأغصان"، و"ملاذ آمن "، و"عندما تشرق الأحلام".

أعتقل صاحب "بياع الورد " وحكم عليه بالإعدام، لولا تدخل زوج اخته الموسيقار منير بشير الذي قدم التماساً إلى الدكتاتور الذي خفف الحكم إلى المؤبد، ثم شمله العفو العام بعد أن قضى سبع سنين عجاف في السجن لاقى فيها ما لا يسر قهراً وانتهاكاً.