شجون أهل التدريب

الرياضة 2025/02/03
...

خالد جاسم


كثيراً ما نسمع ونقرأ ونشاهد مدرّبين يفترض أنهم متمرّسون في المهنة ولديهم خزين ثرّ من الخبرة والاحترافية في التدريب وقد وضعوا كامل تبريرات عدم توفيقهم مع الفرق التي يتولون تدريبها في سلة سوء الحظ مع أنَّ هناك فارقاً كبيراً بالطبع بين عدم التوفيق وسوء الحظ لأنَّ عدم التوفيق يعني بمنتهى البساطة سوء تصرف أو تدبير في الميدان عبر استغلال فرصة ما أو بضع فرص لهزّ شباك الخصوم وإحراز الأهداف ومن ثم اقتناص الفوز، في الوقت الذي يعكس فيه مفهوم سوء الحظ أنَّ هذا الصنف من المدربين قد وضع قدره وقدر فريقه تحت مطرقة حالة وهمية لا تنسجم مع العلم والمنطق الصحيح في عالم التدريب.

 واللافت هنا في هذه المسألة التي أضحت أشبه بالموضة التي تتجدّد باستمرار مع فرقنا الكروية أنَّ هذا الصنف من المدربين يناقض نفسه كثيراً- من دون أن يشعر- عندما يلجأ إلى استخدام موضة سوء الحظ كبديل مفضل لتبرير فشله التدريبي، متناسين أنَّ التدريب علم وفن وموهبة أولاً وأخيراً ومن لا يؤمن بهذه الحقيقة ويفضل الإيمان بالحظ والطالع وبقية الخزعبلات عليه اختيار مهنة أخرى ليس من بينها التدريب بكل تأكيد، كما أنَّ الأحداث والمواقف أكدت وفي جنبة أخرى مهمة أنَّ العلاقة بين إدارات الأندية والمدربين غالباً ما تكون مبنية على قاعدة هشة لأنها تأسّست على مبدأ منفعي ومصلحي بحت إلّا في استثناءات قليلة بالطبع من خلال حضور بعض الإدارات الرصينة والمدربين الحرفيين بحق، وعندما أشير إلى أنَّ تلك العلاقة منسوجة بخيوط واهية نستذكر الكثير من حالات الطلاق والافتراق التي شهدتها المواسم الكروية الماضية بل وفي كثير من تلك الحالات سُجّلت أرقام غير مسبوقة في الإقالات والاستقالات في صفوف مدربي كرة القدم والمرحلة الأولى من دوري الكرة لم تبلغ حتى خط النهاية. 

وهذه الحالات التي أضحت أقرب إلى الظاهرة المتجددة الحضور في كل موسم كروي ليست مقتصرة على عالم كرتنا بل هي ظاهرة تحدث في كل دوريات العالم لكنها لدينا تكتسب صفات وخصائص أخرى لأسباب وعوامل عدّة من بينها غياب التخصص والكفاءة في معظم الإدارات التي كثيراً ما تتكل على خدمات مدربين يفتقدون الكثير من المؤهلات طالما أنَّ الغاية مادية بالدرجة الأساس لكلا الطرفين وعلى طريقة (شيلني وأشيلك) ولتذهب السمعة والنتائج إلى الجحيم. واللافت أنَّ العديد من الأندية التي تسعى لتقديم مدربي فرقها في مؤتمرات صحفية فاضحة تسبق انطلاقة الدوري أو الموسم كانت قد أنهت تعاقداتها مع اللاعبين قبل أن تتعاقد مع المدرب الذي سيجد نفسه مجبراً على التعاطي مع عناصر ليسوا من اختياراته وهو يعتقد أنَّ تلك المثلبة تقف إلى جانبه عندما يفشل في مهمته حيث ستكون الإدارة هي المسؤولة عن الفشل لأنَّ السيد المدرب لم يختر لاعبيه مع أنه في المؤتمر الصحفي المخصص لتقديمه إلى الإعلام يكيل المديح والإشادة بإدارة النادي واحترافيتها ومهنيتها وحكمتها ويعد الجميع بتأسيس فريق قوي سيقدم أجمل العروض ويحقق أفضل النتائج وإلى بقية مفردات الكذب والرياء التي يتبادلها الكثير من هذا الصنف من مدربي اليوم مع إدارات تفتقد الكثير من المؤهلات لكنَّ المصلحة المادية والأرباح بطريقة النسبة والتناسب تبقى هي سيدة الموقف في كثير من التعاقدات المضحكة بين المدربين وإدارات الأندية وانتظروا الدوري المقبل وسوف نشهد الكثير من صور ونماذج نتاج تلك العلاقات البائسة.