السياحة في اليونان.. طموح بأن تصبح «فلوريدا» الأوروبية

اقتصادية 2019/07/05
...

هيلينا سميث
ترجمة: ليندا أدور
ما أن ترى سياحا يضعون قبعاتهم وكاميراتهم تتدلى من أعناقهم وقد رفعوها للأمام لالتقاط صورة من قلب أثينا القديمة، حينها ستدرك أن موسم العطلات قد حل. 
في الأسابيع الماضية، عندما بدأت مجاميع السياح تملأ الأزقة الضيقة والساحات لحي بلاكا، الواقع أسفل هضبة الاكروبوليس القديمة، كانت فرحة من نوع آخر، تغمر المسؤولين في قطاع صناعة السياحة وهي: أن اليونان غدت من بين الوجهات السياحية الأكثر شعبية في العالم، بعد ان شكلت منطقة جذب لأكثر من 33 مليون سائح هذا العام بالرغم من الريبة التي تشوب الاقتصاد العالمي.
 
يونان عصرية
من المتوقع أن يزور سدس هذا العدد اثينا، العاصمة التي كانت منذ فترة ليست بالبعيدة مرادفا للاحتجاجات المناهضة لسياسة التقشف، التي حدثت أمام مرأى المصطافين المتوجهين الى الجزر السياحية. يقول يانيس ريتسوس، مدير قطاع السياحة في البلاد: “مما لا يقبل الشك، أن اليونان أصبحت عصرية”. 
فبعد ما يقرب من عقد من أزمة أقتصادية عصفت بالبلاد المثقلة بالديون، نما قطاع الصناعة بنحو 7 بالمئة العام الماضي، أي بوتيرة أسرع بمقدار ثلاثة أضعاف ونصف الضعف من اقتصادها الأشمل. 
ولكون السياحة تشكل ما مقداره 25 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي ، فهي تمثل عاملا حيويا بالنسبة للمالية العمومية. يتوقع، هذا العام،  أن تتجاوز الوظائف المرتبطة بالسياحة، ولأول مرة، حاجز المليون أي ما يعادل 25 بالمئة من سوق العمل في البلاد وفقا لبيانات صادرة من  المجلس العالمي للسفر والسياحة، اذ بلغ معدل ما أنفقه السياح في العام الماضي 18.5 مليار يورو (اي ما يعادل أكثر من 20 مليار دولار أميركي).
تصف غلوريا جيفارا، الرئيس والمدير التنفيذي للمجلس، اليونان، بقولها: “اصبحت نموذج دراسة حالة عن مدى أهمية أصول السفر والسياحة عندما تولي الحكومة الأولوية لهذا القطاع”. في الوقت الذي تضاعف فيه أعداد الوافدين منذ العام 2009، كان ريتسوس أول من حذر من أن هناك تحديات بالانتظار.
بعد سنوات من النجاح المتواصل على خلفية مخاوف أمنية في تركيا والمغرب ومصر، ساد الانتعاش بلدان المتوسط الأخرى، اذ ارتفع عدد الحجوزات بتركيا بنحو 40 بالمئة هذا الصيف، وفي منتجعات أخرى مثل منتجع رودس، أضطر أصحاب الفنادق فيها الى إجراء تخفيضات كبرى باسعار الحجز بعد ان شهد هذا الموسم بداية بطيئة الى حد ما. 
 
قاطرة التنمية
يشار ألى أن شبح السياحة المفرطة قد أثار مخاوف من أن بلدا تعداده 11 مليون نسمة، له القدرة على مواكبة تدفق سياح بمعدل ثلاثة أضعاف سكانه. يقول ريتسوس، رئيس اتحاد السياحة في اليونان، والذي يمثل صوت أكثر من 50 الف شركة خاصة تعمل بهذه القطاع، بأن: “لم يعد الأمر مجرد لعبة أرقام، وما يتوجب علينا فعله الآن، هو الدخول بمرحلة النضج وإدارة وجهاتنا بهدف إسعاد السياح والسكان المحليين، على حد سواء، فضلا عن تمديد الموسم والاستثمار بمجال البنى التحتية العامة” مضيفا، “فلو حدث على غير توقع، أن اجتذبت اليونان 10 ملايين زائر آخرين، فلن يمكنها التعامل مع هذا الأرقام”، مشيرا الى انه الآن، وأكثر من أي وقت مضى، بات من الضروري العمل على تحسين الطرق والموانئ والمطارات ومعالجة النفايات وشبكات الكهرباء، بعد سنوات من التخفيضات خلال معركة البلاد الطويلة للبقاء بمنطقة
اليورو.
يقول تيودور بيلاغيديس، استاذ الاقتصاد بجامعة بيرايوس، “السياحة هي ميزة اليونان التنافسية ويمكن أن تصبح قاطرة التنمية لكامل الاقتصاد” مضيفا، “لكن الحلول الطويلة الأمد ستتحقق فقط في حال أصبحت اليونان هي “فلوريدا” أوروبا، فتحسين الخدمات من شأنه أن يسهم برفع اعداد السياح الاجانب للعيش بشكل دائم فيها، فلديها ما يكفي لتكون كذلك، حياة فريدة من نوعها وجمالا طبيعيا تنعم به  قلة قليلة فقط من الدول”. 
 
* صحيفة الغارديان البريطانية