في قراءة أولية لأمر رئيس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي بإغلاق جميع مقرات الفصائل المسلحة داخل المدن وخارجها، طالباً من الفصائل المسلحة الاندماج في القوات النظامية. مضيفاً لذلك نقاطاً أخرى أبرزها ارتباط الحشد رسمياً بالقائد العام للقوات المسلحة وإنهاء جميع التسميات التي كانت تستعمل خلال فترة الحرب على”داعش”. وهذا ما يعني أنَّ مقاتلي الحشد الشعبي سيكونون جزءاً من القوات المسلحة العراقية ولهم ذات الحقوق التي يتمتع بها المقاتل ضمن تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية. وهذا بالتأكيد جانبٌ مهمٌ يحرص الكثير من متطوعي الحشد الشعبي أن يكونوا في هذا الإطار، وبالمقابل إنَّ القوات المسلحة العراقية بحاجة ماسة لأنْ يكون هؤلاء المقاتلون جزءا منها لما يمتلكونه من خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب والتصدي له والانتصار عليه وهو ما سيضفي خبرة مضافة لتشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية.
وهذا الأمر بحد ذاته له أبعادٌ كثيرة أبرزها منهجيَّة الدولة في حصر السلاح بيدها من جهة، ومن جهة ثانية منح مقاتلي الحشد الشعبي حقهم في أنْ يكونوا جزءاً من القوات المسلحة العراقية, وبالتأكيد فإنَّ هذا الأمر أخذ في جانب مهم منه خصوصيَّة متطوعي الحشد الشعبي الذين لبوا نداء المرجعية بعقيدة وإيمان، وبالتأكيد فإنَّ السلطتين التشريعيَّة والتنفيذيَّة في العراق لم تغفل هذا وشهدت الدورة السابقة تشريع قانون الحشد الشعبي رقم 40 لسنة 2016 وما ترتب على ذلك من وضع موازنة لرواتب مقاتليه وأمورٍ إدارية أخرى جعلت الحشد الشعبي مؤسسة أو هيئة رسميَّة شأنها في ذلك شأن تشكيلات وزارتي الدفاع والداخلية. وخلاصة ما يمكن قوله إنَّ الحشد الشعبي مؤسسة عراقيَّة لها دورٌ كبيرٌ في التصدي للإرهاب والقضاء عليه. وإنَّ أمر رئيس الوزراء تتويج لجهود هؤلاء المقاتلين وقادتهم ودورهم الكبير في حماية العراق والحفاظ على وحدة أراضيه.
وفي أول رد فعل إيجابي كان من سماحة السيد مقتدى الصدر الذي رحب بذلك واعتبره خطوة مهمة وصحيحة لبناء دولة قويَّة، وهي إشارة مهمة تحمل أبعاداً كثيرة نتمنى أنْ تحفز الآخرين ممن يعنيهم الأمر من أجل دعم هذه الخطوة مع الأخذ بنظر الاعتبار إنَّ الكثير من فصائل الحشد الشعبي تمسك أراضي وأماكن منذ سنوات طويلة ولها خبرة ودراية كافية عن هذه المواقع وبالتالي فمن الضروري إبقاؤها في أماكن تواجدها بوصفها قوات مسلحة عراقية من شأنه أن يديم حالة الأمن التي تشهدها مدننا العراقيَّة وخاصة تلك التي كانت مسرحاً لعمليات عصابات “داعش” الإرهابيَّة.
خلاصة القول، تعدُّ هذه الخطوة مهمة في عملية بناء الدولة من جانب، ومن جانب آخر توحيد الجهود العسكريَّة بكل أشكالها تحت أمرة القائد العام للقوات المسلحة، وهو الأمر الذي يحتاجُ بكل تأكيد أنْ يتم دعمه من قبل الجميع بما في ذلك القوى السياسيَّة العراقيَّة والمرجعيَّة الدينيَّة التي أصدرت فتوى الجهاد الكفائي الذي تأسس بموجبها الحشد الشعبي والحشد العشائري.