العراقيون يحيون اليوم الوطني للمقابر الجماعية

بغداد: الصباح
أربيل: سندس عبد الوهاب
استذكر العراقيون أمس الأحد، جرائم البعث الصدامي، وأبنت الرئاسات الثلاث، مئات الآلاف من الشهداء من أبناء الشعب العراقي، الذين قضوا على يد النظام البعثي المباد، وبالخصوص الجريمة البشعة التي ارتكبها النظام بقصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية وراح ضحيتها آلاف الشهداء والمصابين وضحايا المقابر الجماعية.
وذكر بيان لرئاسة الجمهورية، تلقته "الصباح"، أن "تلك الجريمة الوحشية (قصف مدينة حلبجة)، التي أسفرت عن استشهاد وإصابة الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير العديد من القرى الكردية، تعبر عن مدى الاستبداد والظلم الذي مارسه النظام البائد ضد المواطنين الكرد العزل بصورة خاصة والشعب العراقي بصورة عامة". وأضاف، أن "جريمة حلبجة هزت الضمير العالمي، وجسدت الممارسات الوحشية التي تمارسها الأنظمة الدكتاتورية، وبينت الحاجة إلى المزيد من الجهود والعمل المشترك لتعزيز ونشر مبادئ الديمقراطية وحماية الشعوب وضمان حرياتهم وحقوقهم من تسلط الأنظمة الشمولية".
وأوضح البيان، أن "مأساة مدينة حلبجة تدعونا اليوم إلى المضي قدما في ترسيخ التجربة الديمقراطية في بلادنا"، مبيناً أن "إحياء هذه الذكرى يدعونا إلى ضرورة تكاتف الجهود من أجل تخليد هذه الذكرى لتبقى شاخصة في ذاكرة الأجيال المقبلة".
تضحيات الشعب العراقي
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قال في تغريدة على منصة "X" وتابعتها "الصباح": "في اليوم الوطني للمقابر الجماعية، نستذكر بفخر واعتزاز تضحيات مئات الآلاف من أبناء شعبنا في مختلف أنحاء الوطن، حين واجهوا أسوأ دكتاتورية مارست كل أشكال العنف والوحشية والقتل". وأضاف: "لقد بذل العراقيون الأرواح في سبيل حرية الوطن وكرامته، ونحن اليوم نعيش بفضل تلك التضحيات العظيمة، في ظل نظام ديمقراطي يتمتع فيه الجميع بحقوقهم التي كفلها الدستور، وهو ما يتطلب منا جميعاً أن نبذل أقصى الجهود من أجل أن يظل وطننا ومواطنونا أعزة، يرفلون بالعيش الكريم". وختم السوداني بالقول: "الرحمة والرضوان لجميع شهداء العراق، والخزي والعار للقتلة والمجرمين، وكل من برر جرائمهم".
محافظة حلبجة
بدوره، طالب نائب رئيس مجلس النواب شاخهوان عبد الله، بتعويض ذوي الضحايا بفاجعة حلبچة مادياً ومعنوياً.
وذكر عبد الله، في بيان لمكتبه، تلقته "الصباح": "بقلوب يعتصرها الألم، نقدم خالص التعازي والمواساة إلى شعب كردستان وكل أبناء شعبنا العراقي، بمرور (37) عاماً على جرائم البعث المقبور بقصف مدينة حلبچة بالسلاح الكيمياوي (أسلحة دمار شامل) المحرمة دولياً، وللأسف أمام صمت العالم، الذي أدى إلى استشهاد أكثر من (5000) من المدنيين الأبرياء معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ". وطالب عبد الله، "بتعويض ذوي الضحايا مادياً ومعنوياً، وتقديم الخدمات الأساسية لأبناء حلبچة وإنصافهم وإزالة آثار الجريمة النكراء"، مضيفاً، أننا "كمجلس النواب وضمن مسؤولياتنا القانونية والإنسانية عازمون على المضي بتشريع قانون تحويل حلبچة إلى محافظة في هذه الدورة النيابية وفي أقرب وقت".
المدينة الشهيدة
من جانبه، قال رئيس "تحالف قوى الدولة الوطنية" السيد عمار الحكيم، في بيان بالمناسبة تلقته "الصباح": إنه "في الذكرى الأليمة الـ 37 لاستهدافها من قبل النظام الديكتاتوري بالأسلحة الكيميائية المحظورة والمحرمة دوليًا، تظل حلبجة الشهيدة جرحًا غائرًا ينزف في أعماق قلوبنا ويخز ضمائرنا وكل الضمائر الحية في العالم".
وأضاف: "وإذ نحيي تلك الفاجعة، نترحم على أرواح ضحاياها ونتمنى للناجين منها الصبر والشفاء"، مؤكداً أن "لحلبجة رمزية مهمة للعراقيين، نظرًا للجريمة النكراء التي تعرض لها أبناء هذه المدينة".
وجدد السيد الحكيم التأكيد على أن "أفضل تكريم لها هو اعتبارها محافظة عراقية جديدة، بما يتيح فرص عمل، وإمكانات اقتصادية، وتمثيلًا سياسيًا أوسع في القرار العراقي".
رئيس "ائتلاف النصر" حيدر العبادي، قال في بيان تلقته "الصباح": إن "تاريخ حكم البعث عبارة عن انتهاكات وحروب ومغامرات ومجازر بحق الشعب، وما المقابر الجماعية في جنوب ووسط العراق، ومجازر حلبجة والأنفال في كردستان العراق، وملاحقة الأحرار وإرعاب الناس في كل أنحاء العراق، والاغتيالات والتصفيات للعلماء والقادة، ما هي إلا بعض شواهد سياساته المدمرة التي قامت على وفق ركائز: الاستبداد المطلق، والرعب الشامل، والحروب الدائمة".
وأضاف، "في هذا اليوم، نستذكر شهداء الشعب ورموزه، ونحتفي بذكراهم وطنياً، لتبقى ذاكرتنا الوطنية حيّة تجاه الضحايا الأبرياء والطغاة الملعونين"، معرباً عن أمله بالنجاح "ببناء نموذج دولة عادلة صالحة تطوي إلى الأبد تاريخ الاستبداد والتمييز والظلم والحرمان".
إحياء الذكرى الـ37
وأحيا أبناء شعبنا في إقليم كردستان العراق، أمس الأحد، الذكرى الأليمة الـ37 لقصف مدينة حلبجة بالكيمياوي، حيث وقف المواطنون دقائق حداد على أرواح الشهداء في فاجعة حلبجة التي أودت بحياة أكثر من 5000 مدني مع إصابة ما بين 7000 إلى 10000 آخرين.
وقال المستشار الإعلامي في برلمان إقليم كردستان طارق جوهر، في حديث لـ"الصباح": إنه "في كل عام يقف سكان الإقليم بشكل عام ومن ضمنهم المسؤولون الحكوميون والموظفون؛ خمس دقائق صمت حدادا على أرواح ضحايا مجزرة حلبجة، بالإضافة إلى وضع أكاليل الزهور وقراءة سورة الفاتحة في نصب الشهيد وزيارة مقابر الشهداء وإيقاد الشموع في ليلة الذكرى السنوية للمجزرة في مقبرة شهداء حلبجة، التي راح ضحيتها أكثر من 5000 شخص بريء بينهم النساء والأطفال والمسنون".
وأوضح، أنه "في الذكرى السنوية للمجزرة يتشح الكثير بالسواد حزنا على فقدان أحبائهم وأبناء جلدتهم، مع إقامة عدة فعاليات لإحياء الذكرى الحزينة والمؤلمة، إذ نفذ نظام البعث البائد في 16 آذار 1988 هجوما يعد أكبر هجوم بالأسلحة الكيمياوية في تاريخ البشرية موجها ضد منطقة مأهولة بالسكان المدنيين".
وطالب جوهر "بتعويض ضحايا القصف الكيمياوي، وجميع ضحايا الإبادة الجماعية والأنفال، ومواصلة الجهود للتصويت على مشروع قانون استحداث محافظة حلبجة باعتبارها المحافظة 19 في البلد وتأمين جميع استحقاقاتها وحقوقها وفق القوانين والمبادئ الدستورية".
وأوضح، أن "النظام البائد ارتكب مجازر ضد الشعب الكردي منذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، إذ دفن النظام البعثي البائد 8 آلاف بارزاني أحياء أثناء عملية الأنفال، وكذلك نقل أكثر من 182 ألف مدني إلى صحاري جنوب البلاد وتم قتلهم بوحشية في عملية استمرت قرابة 4 سنوات عرفت باسم (عملية الأنفال)، وكذلك تدمير أكثر من 4 آلاف قرية في الإقليم".
وتشير التقارير الدولية؛ إلى أن قصف حلبجة كان ضمن سلسلة جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها نظام صدام البعثي في إقليم كردستان العراق، حيث شن النظام هجمات عنيفة ضد الكرد الفيليين وقتل الآلاف، كما شرّد آلافا آخرين ولا يعرف مصير أكثرهم حتى الآن.