بين الضغط والمقاومة القصوى

آراء 2025/03/18
...

 علي الخفاجي


لم تكن العلاقة الاميركيَّة ـــ الإيرانيَّة على مدى عقود من الزمن علاقة متزنة ومتوازنة، دائماً ما كانت حالة عدم الوفاق ولغة التهديد متبادلة بين الطرفين، فمنذ سقوط نظام الشاه واعلان الجمهورية الاسلامية الايرانية لم تكف الولايات المتحدة عن اتهام ايران بانها راعي الإرهاب في الشرق الأوسط على حد وصفها وهي من تمول العمليات الارهابية وتغذي الاقتتال الداخلي للدول، وخصوصاً الدول المجاورة والكثير من الاتهامات التي جعلت من ايران العدو اللدود لاميركا في المنطقة، وهنا ولكي نسمي الامور بمسمياتها لا بد من تصنيف الموقف الاميركــي وتداعياته من ايران على الصعيدين السياسي والأمني من جانب ومن جانب آخر الملف النووي الإيراني، الذي أمسى يؤرق كثيرا من الدول ومنها الولايات المتحدة الاميركية، واصبح يمثل ورقة ضغط للمجتمع الدولي تجاه ايران، الاشارات والتلميحات التي اطلقها الرئيس الاميركي وباكثر من مناسبة ابتداءا من استعراض برنامجه الانتخابي قبل تسنمه مقاليد الحكم والى يومنا هذا تحمل العديد من المواقف المتضاربة تجاه ايران، فتارة يدعو إلى استخدام ورقة الضغط القصوى بخصوص الملف النووي الايراني ويدعو ايضاً إلى استخدام القوة لانهاء هذا الملف المعقد حسب وصفه، وتارة اخرى يدعو إلى الحوار المباشر مع الادارة الايرانية برسالة منه عن طريق الوسطاء الدوليين، وهذا ما تم رفضه من قبل السلطات الايرانية بحجة ان الحوار يجب ان يكون مباشراً لاعن طريق الوسطاء، مثل هكذا مواقف متضاربة جعلت من النواب الديمقراطيين ينددون بالمواقف الرسمية للولايات المتحدة ويصفونها بالقرارات 

الصبيانية. 

الموقف الايراني الحالي فيه نوع من التماسك الهش إن صحت تسميته، فهنالك من يدعو إلى عدم الحوار مع الولايات المتحدة ويدعو إلى مقاطعتها لأنه حسب وصفهم ان مثل هكذا حوارات غرضها المماطلة ولاتؤدي إلى الحلول، بالمقابل هنالك من يدعو إلى فتح باب المحادثات، التي من شأنها تهدف إلى منع وقوع الحرب المحتملة ومزيد من الاضطرابات، الاوضاع الاقتصادية التي يعيشها الايرانيون من حيث ارتفاع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة والعزلة الدولية التي تعانيها ايران، جميع هذه الامور متولدة جراء العقوبات المفروضة على ايران، حيث إن الاقتصاد الايراني يعتمد وبشكل كبير على العوائد النفطية والغاز، الحديث عن ورقة الضغط القصوى التي تتوعد بها الولايات المتحدة اذا ماطبقت فان ذلك سيؤدي إلى ازمة اقتصادية اكبر وأشد من الأزمة الحالية، خصوصا وجميعنا يعلم إلى أن الضغط الكبير من أجل تكثيف العقوبات، سيكون مؤلما واشد قسوة من ذي قبل لان هنالك اتفاق ساري المفعول منذ عام 2015 ووافقت عليه الغالبية العظمى من الدول الكبرى، وهذا الاتفاق مبني على التوصل إلى اتفاق نووي بين اميركا وحلفائها ضد ايران وهو ما نص على حرمان ايران من القدرة على الحصول على اسلحة نووية لمدة لاتقل عن عشر 

سنوات. 

في ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها العالم من تقلبات وحروب متكررة والآثار والتداعيات، التي خلفتها الحرب الاسرائيلية على غزة ولبنان يبقى السؤال هو؛ هل ستقاوم ايران الضغوط الاميركية خصوصا اذا ماعلمنا انه بدءا من هذه السنة ستعمل الولايات المتحدة وكجزء من حالة الضغط القصوى، التي تتبناها ستعمل ايضا على الحصول على تأييد المجتمع الدولي للضغط على ايران كما فعلت في 2015 لمنع انتشار برنامجها النووي ام ستعمل ايران على استخدام مبدأ الحوار تجنبا لحروب اقتصادية وعسكرية وبالتالي عزلة 

دولية.