غفران مازن
في الملاعب الاعتيادية يرتفع صوت المشجعين لتشجيع فرقهم، لكنَّ الأمر مختلف تماماً في ملعب صغير وسط بغداد، حيث لا يُسمع سوى أصوات اللاعبين وهم ينادون (فويس) لتنبيه بعضهم، وصوت جرس الكرة يرن بدلاً من صافرة الحكم، ليحدد اللاعبون وجهتهم عبر الاستماع إليه.
هذه ليست مباراة كرة قدم تقليدية، بل هي حلم يتحقق بقيادة مازن الرماحي، نائب رئيس اتحاد كرة القدم للمكفوفين، الذي كافح لأكثر من عقد لمنح فاقدي البصر فرصة لممارسة اللعبة الأكثر شعبية في العالم.
من حلم إلى واقع
بدأ علي الرماحي رحلته في عام (2012)، حين قرر تأسيس فريق خاص بالمكفوفين، لكنه اصطدم برفض اللجنة البارالمبية الوطنية العراقية إنشاء اتحاد مستقل لهذه الرياضة. ورغم العقبات، لم يستسلم، بل واصل جهوده حتى تم إطلاق الاتحاد رسمياً في عام (2024)، بدعم من نادي الخيرات الرياضي، الذي وفر الملعب والتجهيزات اللازمة.
يقول الرماحي: “لم أتخلَّ عن الفكرة أبداً، لأنَّ المكفوفين يحبون كرة القدم مثل أي شخص آخر، وكان حلمي أن نلعب رسمياً”، مشدداً على أنَّ “الطريق لم يكن سهلاً، لكنَّ الإصرار حوّل الحلم إلى حقيقة».
ويؤكد أنَّ “المباراة تستمر (40) دقيقة مقسمة على شوطين، لكنَّ أكبر تحدٍّ نواجهه هو نقص المعدات، فهذه الكرات الخاصة والمستلزمات نضطر لجلبها من فرنسا وبريطانيا بأسعار مرتفعة، وسط غياب أي دعم رسمي حقيقي”.
قواعد خاصة
ويوضح أنَّ «كرة القدم للمكفوفين تختلف عن اللعبة التقليدية، إذ تُلعب في ملعب خماسي مغلق بمصدات لمنع خروج الكرة، التي تحتوي على جرس داخلي، حتى يتمكن اللاعبون من تتبعها عبر الصوت»، مبيناً أنَّ «القاعدة الأهم هي أنَّ جميع اللاعبين باستثناء حارس المرمى يجب أن يكونوا مكفوفين تماماً، ويتم وضع عصابة سوداء على أعينهم لضمان تكافؤ الفرص»، منوهاً بأنه «قد يُطلب من اللاعبين تكرار كلمة (فويس) باستمرار لتجنب الاصطدام، بينما يساعدهم المدرب والمساعدون الموجودون خلف المرمى في توجيههم أثناء اللعب».
مشاركات خارجية
ويجد أنَّ «الفوز في المباريات ليس الهدف الوحيد بالنسبة لفريق كرة القدم للمكفوفين، بل الأهم هو تغيير حياة اللاعبين وإعطاؤهم الفرصة لإثبات أنفسهم رياضياً واجتماعياً»، مبيناً أنه «عندما ترى فرحة اللاعبين أثناء التدريب، تدرك أنَّ هذا الفريق ليس مجرد رياضة، بل هو مساحة تمنحهم الثقة والانتماء». ويضيف أنه «رغم حداثة تأسيس الفريق، فإنه نجح في حصد المركز الثاني في بطولة الجائزة الكبرى بالمغرب خلال ستة أشهر فقط، مما يعكس حجم الطموح والإصرار لدى اللاعبين».
عقبة التمويل
ويجد أنه «منذ إطلاق الاتحاد في (2024) وحتى الآن، لا يزال الفريق يواجه أزمة مالية خانقة، إذ إنَّ الدعم الذي يحصل عليه من اللجنة البارالمبية محدود جداً، كما أنه لا يمتلك أي شراكات مع جهات خاصة أو حكومية»، مطالباً بضرورة «أن يحظى فريق المكفوفين بنفس الدعم والإسناد الذي يحصل عليه منتخب العراق لكرة القدم للمبصرين، لأننا نمثل العراق بنفس الشغف والطموح”، داعياً «الحكومة العراقية ورئاسة الوزراء إلى تقديم دعم حقيقي لهذه الرياضة التي أصبحت أملاً جديداً للكثير من المكفوفين في العراق».