هل سنحافظ على {إرادة النصر}؟

آراء 2019/07/20
...

أحمد حسين
تكتسب عملية «إرادة النصر» العسكرية التي أطلقها القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، أهمية لا تقل عن أهمية عمليات تحرير المدن من تنظيم داعش الإرهابي التي حققت بها قواتنا الأمنية - بمختلف صنوفها وتشكيلاتها ومسمياتها- إنجازاً عسكرياً يحسب لها وهو بحق مدعاة للفخر، على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمتها قواتنا على مذبح الخلاص من أشرس وأقذر تنظيم إرهابي عرفه التاريخ، ورغم أن العملية التي انطلقت مؤخراً من المتوقع أن لا تشهد خسائر بشرية أو مادية، إلا أنها تكاد توازي عملية تحرير المدن في أهميتها، كونها ستحافظ على ما تحقق من نصر وتجهض المخططات الإرهابية التي نفذتها ويعد لتنفيذها الخلايا النائمة داخل المدن أو على أطرافها أو في الصحراء والمناطق النائية، كما أنها تعد ضربة استباقية ستؤدي بالتأكيد إلى إرباك الخلايا الإرهابية وتشل حركتها، فضلاً عن أنها وفي الساعات الأولى من انطلاقها أثمرت عن قتل عدد من الإرهابيين وتدمير مضافات ومخابئ لخزينهم من الأسلحة والمتفجرات كانوا سيستخدمونها في عملياتهم المستقبلية.
 بالإضافة إلى ما تقدم فإن عملية «إرادة النصر» تعد تدريباً ميدانياً لقواتنا الأمنية في كيفية التعامل مع مساحات شاسعة من الأراضي القاحلة والوعرة وتتبع أهدافا غير محددة مسبقاً بل يتم اكتشافها أثناء البحث، فضلاً عن أن القوات البرية وصلت إلى مناطق نائية جداً لم يسبق أن وصل إليها غير سلاح الجو العراقي وطائرات التحالف الدولي في الصحراء التي تربط محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى بالحدود العراقية السورية.
كذلك هناك عامل مهم لهذه العملية وهو عدم التراخي والاطمئنان بأن العدو انتهى ولم يعد يشكل تهديداً أمنياً ما يسمح للإرهابيين باستغلال هذا الاسترخاء لتنفيذ عمليات مباغتة، فهذه العملية والتي تزامنت مع عمليات أخرى انطلقت في محافظات غير مستقرة أمنياً تحمل رسالة جدية للخلايا النائمة مفادها أن: لست بأمان. خاصة وأن «إرادة النصر» تتضمن خطتها ليس فقط تطهير الأراضي من الخلايا النائمة والمضافات والأسلحة والمواد المتفجرة بل أيضاً تتضمن مسك الأرض بعد تطهيرها، بحسب ما صرحت قيادات أمنية.
في مقال سابق تناولت ضرورة تنفيذ هكذا عمليات مباغتة وواسعة النطاق ومتواصلة بين فترة وأخرى لإرباك الإرهابيين وجعلهم في قلق وترقب دائمين، وانطلاق هذه العملية سيحقق ذلك لكن بشروط، أهمها أن تولي القيادة الأمنية خطة مسك الأرض أهمية أكبر من خطة التطهير، وتوزيع قطعات المرابطة الماسكة للأرض بمسافات محسوبة غير متباعدة لكي تستطيع تأمين الحماية لبعضها البعض في حال التعرض لهجمات مباغتة من قبل الإرهابيين، وأيضاً تأمين خطوط الإمدادات بشكل تام ولهذا الأمر ثلاث إيجابيات، أولها الاطمئنان على عدم توقف الإمدادات ولو لوقت قصير في حال تعرض الخطوط للهجمات، ثانيها اطمئنان المرابطات على وصول ما تحتاج إليه دون خوف من انقطاعه، وثالثها إشعار الخلايا الإرهابية بأن أية محاولات لمهاجمة المراطبات ستكون نتيجتها الموت أو الفشل.
 لكن السؤال الأهم، بعد انتهاء عملية «إرادة النصر» وغيرها من العمليات العسكرية المستقبلية، هل ستقتنع القيادات الأمنية العليا والوسطى ومنتسبو أجهزتنا الأمنية بأن الحفاظ على أي إنجاز يتطلب إدامة الشعور بأننا في حالة حرب دائمة تستوجب الحيطة والحذر والترقب وعدم التراخي، أم أنها ستركن مجدداً للتراخي والتصديق بإعلان بيان النصر النهائي كما حدث بعد تحرير الموصل من انتشاء وتراخٍ سمح للخلايا النائمة بأن تنشط في الموصل وغيرها من المدن المحررة؟.