قد لا يحق لي أن أستعير قصيدة محمود درويش عنواناً لهذه المقالة، لكنَّ الحالات التي نسمع عنها ونقرأ عنها في مواقع التواصل الاجتماعي دفعتني إلى التفكر كثيراً في وضع الشباب العراقي، أتذكرُ منذ سنين وجيلنا يحملُ طعنات الحروب، وويلات الحصارات التي دفعتنا إلى ابتكار طرائق جديدة للبقاء على قيد الوجود
وجعلتنا نروض الحياة بما نمتلكه من إصرار على مواصلة البحث عن
الذات، جيل اليوم مختلفٌ كثيراً عما كنا عليه، ربما رياح التكنولوجيا دفعت سفن وعيه إلى مرافئ غير آمنة وربما أشياء أخرى، وربما نكون نحن مخطئين، لكننا لم نفكر يوماً في أذية أنفسنا أو
ذوينا، ومع هذا فقد لفتت انتباهي أرقام مثيرة عن أعداد الشباب الذين هم تحت سن الثلاثين عاماً وحاولوا
الانتحار هنا أتذكر حكاية فراس صبحي الذي كانَ يعمل سائق أجرة،
وقد حدث معه حادثٌ
إرهابيٌّ كاد يفقده
حياته ومن معه قبل نحو عقدٍ كاملٍ من الآن، ومع ذلك ظلَّ مصراً على الحياة، لكنَّ ما حدث بعد ذلك جعلهُ يهاجر خارج الوطن وتنقطع أخباره، فقد أصبحَ مطلوباً للجميع، العشائر التي ينتمي
إليها، ظلت تراقبه وتحاول القصاص منه، الجهات الأمنية العراقية أيضاً تطارده لأنها تنفذ أمراً قضائياً
بعد أن قدَّم من كان معه بلاغاً وشكوى على هذا الشاب بعد أن تعرضوا
لإطلاق النار معاً، والأنكى من ذلك أنَّ التنظيم الإرهابي الذي نفذ تلك العملية ظلَّ يطارده بوصفه مرتداً، ويعمل
مع الحكومة الكافرة على حد وصفهم مع أنه لم يكن يعمل مع الحكومة
ولا مع أي جهة أخرى، ومع كل هذه التهديدات التي ما زال بعضها
قائما، ولا سيما إهدار دمه من قبل عشيرته، إلا أنَّه ظلَّ مصراً على التمسك بحبل الوجود، وظل
يحب الحياة، تزوج وربما هو اليوم أبٌ لمجموعة من الأطفال ويعيشُ في مكانٍ ما من هذه الكرة الأرضية،
أريد أن أشير إلى أن كلَّ تلك
الظروف التي مرّت على هذا الشاب لكنه لم يفكر مرة واحدة بالانتحار، أما اليوم فنكاد
نرى في كل يوم حالة جديدة لانتحار شاب او شابة، والأسباب تافهة في معظم الأحيان، فلا شيءَ يستحق الموت من أجله سوى كرامة الإنسان، الوضعُ
في العراق ليس مثالياً، لكنَّهُ ليس بالسوء الذي يفكر أن يفقد حياته
من أجل لا شيء.