التضامن الدولي الآن

آراء 2019/07/21
...

 وجدان عبدالعزيز
 
الحقيقة كل شعوب الارض سعت للتضامن لضرورة خلق سلام عالمي دائم، كي تخلق علاقات دولية متوازنة تتوخى العدالة، والتضامن كمفهوم ظهر منذ القدم، ولم يعد حديث الولادة، ويعرف التضامن أنه: اتفاق بين دولتين أو أكثر يقوم على أساس التشاور في ما بينهم، أو يكون هوعبارة عن مجموعة من العلاقات، التي تربط الدول بعضها، تقوم هذه العلاقات على أساس الوحدة في ما بينهم، أي انه ترابط أبناء الأمة الواحدة، على أساس المؤازرة والموالاة المتبادلة بين أبناء الأمة وبين الدول بعضهم مع بعض من أجل تحقيق المصالح والأهداف المشتركة، والتي تؤدي الى تنمية حالة الاستقرار والتنمية المستدامة بين شعوب الارض.. ولذا تطور التضامن الدولي بذلك المفهوم الذي تقدمت به الأمم المتحدة، حيث جعلت له مقاربة أخرى، فهو من جهة تضامن خاص إزاء الأفراد ومعهم، وتضامن عام من جهة الشعوب له علاقة بالتنمية المستدامة. وفي الماضي والحاضر، فإن التضامن العالمي يعني عبور مفهوم الدولة الوطنية، خصوصاً وأنه يشتبك مع مفهوم التدخّل لأغراض إنسانية، والذي لا بدّ من تخليصه من الفكرة الدارجة، والتي تم توظيفها بممارسات سلبية لإملاء الإرادة، وبالطرح الاممي الجديد، فإن التضامن أصبح حقاً من حقوق الإنسان في البلدان، التي يكون فيها الرأي العام صوتاً مسموعاً، خصوصاً بصدور قرارها رقم 55 لعام 2005، بخصوص الحق في التضامن، سواء كان مع الشعوب أم مع بعض الجماعات والقوى أم مع الأفراد، وهوما يتطلّب إجراءات وقائية، ووضع ستراتيجيات لمنع حدوث الانتهاكات والتجاوزات، وهذا المشروع الجديد يقدّم فهماً جديداً لفكرته، يعتمد على تلاقي المصالح والمقاصد والأعمال بين الشعوب والأفراد والدول والمنظمات الدولية من أجل الحفاظ على استمرارية المجتمع الدولي، وتحقيق الأهداف الجماعية، التي تتطلّب تعاوناً دولياً وعملاً مشتركاً، بما يعزز السلم والأمن الدوليين وحقوق الإنسان، وينبغي أن يكون التضامن الدولي واضحاً فيما تتخذّه الدول من إجراءات جماعية تؤثر إيجاباً في ممارسة الشعوب والأفراد لحقوق الإنسان، ومن تاريخ نهاية الحرب الباردة، حدثت تغيرات هيكلية على مستوى النظام الدولي، مما أتاح للولايات المتحدة الأمريكية أن تتفرد بالهيمنة على العالم، باعتبارها القطب الأوحد، الذي يمتلك المقدرات العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية، ولذلك تحققت لها سبل السيطرة والهيمنة على كل مفاصل النظام الدولي، ولكن ظهور فاعلين جدد خفت هذه الهيمنة على كل مفاصل النظام الدولي، كما هو تأثير روسيا في الحرب بسوريا، لذا نرى سياسة الرئيس الاميركي متذبذبة في قرارتها، التي تحاول من خلالها الهيمنة، وبالتالي نراها لا تصب في الحفاظ على التضامن الدولي، وهذا ما جعلها تتسم بنوع من الغموض والتردد وحالة من عدم اليقين، ونجزم ان طبيعة الإدارة الأمريكية بصورة عامة قائمة على اساس انها دولة مؤسسات وهي ليست دولة قائمة على شخص معين، فهناك سياسة خارجية ذات أهداف ثابتة، لكن الادارة الحالية هي ذات طبيعة مالية، واقصد ادارة الرئيس ترامب، وبالتالي فإن العقلية التي تحكم الولايات المتحدة في الغالب تكون عقلية بعيدة كل البعد عن السياسة التصادمية في الوقت الحاضر، فطبيعة الاختيار في تشكيل هذه الإدارة كان يسوده نوع من الغموض والارتباك، وهذا واضح من خلال كثرة الاستبدال، الذي حصل في الإدارة الامريكية، وبالتالي تذبذب تصريحات الرئيس الاميركي بين الشدة والمرونة، وقد اتبعت الإدارة الأمريكية الحالية سياسة ردود الأفعال، وهي عكس الإدارات السابقة، التي كانت ذات أفعال مباشرة، السؤال العريض هل ظهور اقطاب دولية جديدة يعطينا الامل في الحفاظ على التضامن الدولي واحترام القرار 55 لسنة 2005م بخصوص الحق في التضامن.