توصلت دراسة طبية جديدة، الى أنَّ الحد من تناول المشروبات السكرية قد يسهم في الحد من حالات السرطان. فقد كشفت الدراسة التي نشرت حديثاً في مجلة فرنسية علمية، عن احتمال كبير لوجود علاقة بين ارتفاع استهلاك المشروبات السكرية وزيادة مخاطر الاصابة بالسرطان. وفي حين أن هناك حاجة الى تفسير حذر، فإنَّ النتائج تشير الى أنَّ الحد من استهلاك المشروبات السكرية، الى جانب فرض الضرائب والقيود التسويقيَّة، قد يسهم في الحد من حالات السرطان.
وتشير البيانات الطبية الموثقة، الى ازدياد استهلاك المشروبات السكرية في جميع أنحاء العالم خلال العقود القليلة الماضية، بحيث يرتبط بشكل مقنع بمخاطر السمنة التي يقر بدورها الباحثون وخبراء الصحة العامة، بأنها عامل خطر قوي للعديد من أنواع السرطان، بالرغم من أنَّ الأبحاث بشأن المشروبات السكرية ومخاطر الإصابة بالسرطان لا تزال تعدُّ محدودة وبحاجة الى المزيد من البحث والتحقق.
لذلك، شرع فريق من الباحثين في فرنسا، بتقييم الارتباط بين استهلاك المشروبات السكرية (المشروبات المحلاة بالسكر وعصير الفواكه الخالصة 100 بالمئة، والمشروبات المحلاة صناعياً (النظام الغذائي)، ومخاطر الإصابة بالسرطان بشكل عام، وكذلك سرطان الثدي والبروستاتا، وسرطان الأمعاء (القولون والمستقيم).
علامات التحذير الصحيَّة
تساعد ملصقات التحذير في تثقيف المراهقين حول مخاطر المشروبات المحلاة بالسكر. وتشير دراسة جديدة لباحثين في مركز الحوافز الصحية والاقتصاد السلوكي في جامعة بنسلفانيا، الى أنَّ المراهقين أقل عرضة بنسبة 15 بالمئة لشراء المشروبات الغازية وغيرها من المشروبات السكرية التي تشمل ملصقات تحذيريَّة صحيَّة كأن يمكن أنْ يسهم السكر في السمنة ومرض السكري وتسوس الأسنان.
وتستند النتائج التي توصلوا اليها، الى بيانات تحققت في استطلاع حديث شمل 21 فئة متطوعة من كلا الجنسين، 21 بالمئة منهم من الرجال البالغين الأصحاء، و80 بالمئة من النساء بمتوسط أعمار تراوحت بين 35 - 42 سنة.
واستكمل المشاركون ما لا يقل عن استبيانين غذائيين تم التحقق من صحتهما على مدار 24 ساعة، وتم تصميمهما لقياس المدخول المعتاد من 3300 عنصر مختلف من المواد الغذائية والمشروبات وتمت متابعتهما لمدة أقصاها 9 سنوات استمرت من العام 2009 الى 2018.
وتم حساب الاستهلاك اليومي من المشروبات السكرية (المشروبات المحلاة بالسكر وعصائر الفاكهة الخالصة مئة بالمئة) والمشروبات المحلاة صناعياً وتم التحقق من صحة الحالات الأولى من السرطان التي أبلغ عنها المشاركون عن طريق السجلات الطبية وربطها مع قواعد البيانات الوطنيَّة للتأمين الصحي.
ثم أخذت بالاعتبار حسابات العديد من عوامل الخطر المعروفة للسرطان، مثل العمر والجنس والمستوى التعليمي والتاريخ العائلي للسرطان وحالات التدخين ومستويات النشاط البدني.
كان متوسط الاستهلاك اليومي من المشروبات السكرية لدى الرجال أكبر من النساء (90.3 مل مقابل 74.6 مل، على التوالي). وخلال فترة المتابعة، تم تشخيص أكثر من ألفي حالة من حالات السرطان الأولى والتحقق من صحتها منها (693 سرطانات الثدي، 291 سرطانات البروستاتا، و166 سرطانات القولون والمستقيم). وكان متوسط العمر عند تشخيص السرطان 59 عاماً.
كما أظهرت النتائج، أنَّ زيادة مقدارها 100 مل في اليوم باستهلاك المشروبات السكرية كانت مرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة بسرطان الكلية بنسبة 18 بالمئة، وزيادة مخاطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 22 بالمئة.
وعندما تم تقسيم مجموعة المشروبات السكرية الى عصائر فواكه ومشروبات سكرية أخرى، ارتبط استهلاك كلا النوعين من المشروبات بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان بشكل عام. ولم يتم العثور على أي ارتباط لسرطان البروستاتا والقولون والمستقيم، ولكنَّ عدد الحالات كانت محدودة أكثر لمواقع السرطان هذه.
وفي المقابل، لم يرتبط استهلاك المشروبات المحلاة اصطناعياً (النظام الغذائي) بمخاطر الإصابة بالسرطان، لكنَّ الباحثين نبهوا الى أنَّ هناك حاجة الى توخي الحذر في تفسير هذه النتيجة بسبب انخفاض مستوى الاستهلاك نسبياً في هذه العينة.
ولا بدَّ من الإشارة الى أنَّ هذه التفسيرات المحتملة لهذه النتائج تتضمن تأثير السكر الموجود في المشروبات السكرية في الدهون الحشويَّة (المخزنة حول الأعضاء الحيوية مثل الكبد والبنكرياس)، ومستويات السكر في الدم، وعلامات الالتهابات، وكلها سوية مرتبطة بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان.
وأضاف الباحثون أنَّ المركبات الكيميائية الأخرى، مثل المواد المضافة في بعض المشروبات الغازية، قد تلعب أيضا دوراً في هذه الدراسة القائمة على الملاحظة، لذلك لا يمكن إثبات
السبب.
ويقول الباحثون إنهم لا يستطيعون استبعاد بعض سوء تصنيف المشروبات أو ضمان اكتشاف كل حالة سرطان جديدة.
ومع ذلك، كانت عينة الدراسة كبيرة وتمكنت من ضبط مجموعة واسعة من العوامل المؤثرة المحتملة. وما هو أكثر من ذلك، فإنَّ النتائج كانت دون تغيير الى حدٍ كبيرٍ بعد مزيدٍ من الاختبارات. ما يشير الى أنَّ النتائج تصمد أمام التمحيص. كما أنَّ هذه النتائج تحتاجُ الى التكرار في دراسات أخرى واسعة النطاق.
ويقول الباحثون إنَّ هذه البيانات تدعمُ أهمية التوصيات الغذائية الحالية للحد من استهلاك المشروبات السكرية، بما في ذلك عصير الفواكه الخالصة بنسبة 100 بالمئة، فضلاً عن الإجراءات السياسيَّة، مثل فرض قيود الضرائب والتسويق التي تستهدف المشروبات السكريَّة والتي قد تسهم في الحد من حالات الإصابة بالسرطان.
عن ساينس ديلي