السير على حد السكين

آراء 2019/07/22
...

ساطع راجي
تطورات الأزمة بين واشنطن وطهران اتجهت لطريق أشد وعورة من كل ما تم توقعه بعد تبادل احتجاز الناقلات، ومع ذلك فإن الحرب ليست قريبة بالضرورة، لكن تأجيل أو إلغاء قرار الحرب لا يعني أن البدائل قليلة الخطورة أو منخفضة الكلفة وتحديدا في ما يتعلق بالعراق، بل ان العكس قد يحدث، ففي مثل هذا النوع من النزاعات والأزمات يحاول كل طرف إيذاء الطرف الآخر في الموقع الذي يسمح للطرفين بحركة واسعة فيه، وتكون تعقيداته السياسية والأمنية هي الأعلى، وموقعه من نقاط الانفجار هو الأقرب، وهو ما يتحقق في العراق للأسف.
مسار التحركات العراقية للتعامل مع الأزمة بين إيران وأميركا حتى انطلاق مواجهة احتجاز الناقلات انتهى بسبب الانعطاف الحاد الأخير، وهو ما يعني أن مساراً جديداً يجب أن يدشن قبل ان تتسارع الاحداث بعدما اطلقت واشنطن حراكها لمواجهة طهران في العراق في اكثر من حادثة، ولا ننسى ان الانزعاج الاميركي من السياسة الايرانية سببه الاول هو ما تعتبره واشنطن تمددا ايرانيا في المنطقة ولذلك فإن الهدف الاول هو نقاط ومؤسسات وعلاقات هذا التمدد، وهذا الاستهداف سيكون مدعوما من معظم الحكومات العربية في كل الاحوال.
كل المؤشرات تقول إن العبء الأكبر للازمة الايرانية الامريكية سيقع على العراق الذي سيحتاج لسياسة حكيمة تمكنه من السير على حد السكين الممتد في المنطقة، وهذه السياسة اذا ما ارادت القوى العراقية اطلاقها وتبنيها انما ستبدأ بتفاهمات عراقية تاريخية تتعلق بحسم ملف السلاح وخريطة الولاءات، القوى العراقية تعرف ان هناك من يأمل بسقوط المنظومة الحاكمة بالكامل نتيجة الاحتكاكات الاميركية الايرانية وعليها أخذ هذه الآمال بعين الخطر المحتمل حتى لو كانت الآمال بعيدة المنال، فما يمكن ان يحدث نتيجة آمال الانهيار التي تدفع للتحريض لا يقل خطرا عن سقوط منظومة الحكم فهو مثلا قد يؤدي لاقتتال داخلي أو عودة 
داعش.
السير على حد السكين سيكون ممكنا وبخسائر قليلة جدا فيما لو اتفقت قوى الحكم الاعتماد على قدم الدولة في التعامل مع هذا الحد الخطير وتجنبت المزايدات والتعاملات الفرعية مع طرفي الازمة، لان كل طرف سيرصد تحركات القوى العراقية واذا ما قرر الرد على اي تحرك شخصي او حزبي عراقي فإن هذا الرد سيهدد الجميع في العراق، ويعرض كل مكون عراقي لانقسامات وربما مواجهات.
السلوك المعتاد للقوى العراقية هو السعي للاستفادة من الازمة حزبيا حتى لو أدى ذلك لضرر جماعي، وسيتبرع الكثير من الساسة لإعلان اصطفافات غير مطلوبة منهم وسيكونون ملكيين اكثر من الملك ويتنافسون على كسب ود طهران وواشنطن على حساب المسار العراقي وذلك لتعزيز 
المكاسب، هذا السلوك المعتاد اذا ما تم اعتماده في الازمة الراهنة فسيؤدي الى كارثة وتجنبه يحتاج الى تفاهمات تتجاوز الخلافات والمماحكات اليومية او 
تؤجلها.