حميد طارش
صوّت مجلس النواب على مشروع التعديل الاول لقانون انتخاب مجالس المحافظات غير المنتظمة باقليم رقم(12)لسنة2018 من دون ان ياخذ بنظر الاعتبار معالجة الحالات التي صادرت ارادة الناخب وحرية اختياره ،والتي لم يعالجها ايضا، قانون انتخاب مجلس النواب رقم(45)لسنة2013 المعدل وسنبحث اهم هذه الحالات المتعلقة بالقانونين كاللآتي:
1 - اعتماد نظام الدوائر الكبيرة، وعلى مستوى محافظة، مما يخرج المنافسة عن المبدأ الانتخابي، القائم على العدالة، وعدم تكافؤ الفرص للمتنافسين، من حيث سعة الرقعة الجغرافية وما تتطلبه من امكانيات مادية واخرى لوجستية، لاتتمكن منها غير الاحزاب الكبيرة الحاكمة، واما من جهة الناخبين فانها تشكل صعوبة كبيرة على قدرتهم في فرز المؤهلين لنيل اصواتهم، واما في ما يخص المناطق فانها لا تضمن عدالة في تمثيلها،وغالبا ما حرمت مناطق مهمة من التمثيل في مجلس النواب ومجالس المحافظات، وجاءت بمرشحين لاينتمون لاي منطقة انتخابية وطنية ، وانما هم في حقيقة الامر اجانب لتمتعهم بجنسيات اجنبية لايزالون متمسكين فيها، ولمعالجة ذلك يتطلب،ان تكون دوائر انتخابية صغيرة، على سبيل المثال، كل خمسمائة الف نسمة منطقة انتخابية يتنافس مواطنيها على اختيار خمسة مرشحين، وهنا يكون ، المرشحون، لديهم القدرة الكافية على التنافس، والناخبون، لديهم القدرة على اختيار الكفوء والمخلص منهم، كما لديهم القدرة على مراقبة ادائه ، وفي حالة فشله بالامكان عزله ، اما في الانتخابات القادمة، او اجباره من خلال الاحتجاج على الاستقالة، وكافة المناطق ستضمن حقها بالتمثيل في مجلس النواب، كما يتيح هذا النظام سهولة العد والفرز واعلان النتائج بعد ساعات من انتهاء عملية الاقتراع وبذلك نتخلص من تأخر إعلان النتائج لشهور وما يرافقها من فقدان الثقة بنزاهة العملية الانتخابية . والأسباب المذكورة انفا ادت الى نفور الناخبين من المشاركة وقد كانت نسبة المشاركة المتدنية جدا في انتخابات مجلس النواب الأخيرة خير دليل على ذلك.
2 - القائمة ليست مفتوحة كما اشيع من الطبقة السياسية الحاكمة،باعطاء الناخب حق التصويت على القائمة او لمرشح ضمن القائمة، وغالبا ما يصوت الناخب وسط الاحباط من تكرار الكيانات السياسية وفشلها في تأمين حاجاته لدوافع الشحن الطائفي والقومي فضلا عن اسباب أخرى تتعلق باستغلال الوضع المالي للناخبين لشراء اصواتهم وتدني مستوى الوعي المطلوب لممارسة حق الانتخاب والترشيح بإرادة وحرية حقيقيتين لصنع حكومة قادرة على تحقيق وعودها الانتخابية بما يخدم مصلحة المواطن.
القائمة المذكورة مغلقة للكيان السياسي، حيث يتم تدوير كافة الاصوات للقائمة، ويكون زعيمها السياسي الحاصل على الالاف من الاصوات هو صاحب الفضل على بقية المرشحين معه في القائمة وفوزهم ببضعة عشرات الاصوات، وهنا تتحقق نتيجتان تخرق نصوصاً دستورية، الاولى، يكون ولاء المرشح الفائز لزعيمه السياسي الذي جاء به الى مجلس النواب او مجلس المحافظة ويكون خاضعا له وممثلا له وليس للشعب كما ينص الدستور، كما يخرق من جهة اخرى مبدأ المساواة بين المواطنين، حيث لم يفز مرشح حصل على الالاف من اصوات المواطنين، مقابل فوز مرشح ببضعة عشرات الاصوات.
وقد اشارت، الاستبيانات المتخصصة في الانتخابات السابقة،الى ان (23) نائباً فقط يمثلون ارادة حقيقية للناخب وهي نسبة ضئيلة جدا بالمقارنة مع عدد اعضاء مجلس النواب.
3 - طريقة احتساب الاصوات، قبل عام2013، كانت على اساس العتبة الانتخابية، التي اهدرت العدالة الانتخابية وخرقت النصوص الدستورية الخاصة بحق المشاركة والمساواة وتكافؤ الفرص ، مما ادى إلى الطعن بهذا النظام المنصوص عليه في القانون السابق لانتخاب اعضاء مجالس المحافظات غير المنتظمة باقليم رقم(36) لسنة 2008 المعدل امام المحكمة الاتحادية الى كسب الدعوى وصدور حكم ملزم وبات بالرقم (67) لسنة 2012 بعدم العمل بهذه الطريقة ،حيث نص قرار المحكمة على ان ، الفقرة (خامسا) من المادة (13) من القانون المذكور تخالف حكم المادة (20) من الدستور التي منحت المواطنين رجالا ونساءً حق التصويت والانتخاب لمن يريدونه من المرشحين، والمادة (38/اولا) من الدستور والتي كفلت ضمان حرية التعبير عن الرأي، كما خرقت المادة (14) من الدستور التي كفلت المساواة بين المواطنين، كما يشكل خرقاً لمبادئ الديمقراطية التي حظر الدستور سن قانون يتعارض معها في المادة (2/اولا/ب)، وقد تم تعديل القانون المذكور باعتماد طريقة سانت ليكو(1-3-5)، مما ادى الى فوز قوائم صغيرة ببعض المقاعد، مما دفع الطبقة السياسية الحاكمة عند اصدار قانون انتخاب اعضاء مجلس النواب رقم (45) لسنة 2013 الى تعديل طريقة سانت ليكو(1،6-3-5) ليؤدي هذا الكسر المضاف الى حرمان القوائم الصغيرة، واليوم عدّل قانون انتخاب مجالس المحافظات رقم (12) لسنة 2018 الى سانت ليكو(1,9) ليقطع الطريق تماما على تنافس الاحزاب الصغيرة.
4 - ملاحظات اخرى تتعلق بتصويت منتسبي القوات المسلحة قبل (48) ساعة مما يؤدي الى هدم مبدأ الاقتراع السري والتأثير في حريتهم في الاختيار وكذا الحال مع تصويت العاملين في مفوضية الانتخابات في محطات خاصة بهم واما تشكيل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على اساس المحاصصة وبعيدا عن معايير المهنية والحيادية وما رافق الانتخابات الاخيرة من مشاكل تتعلق بالتزوير كان نتاج لطريقة تشكيلها.
واخيرا تجدر الاشارة الى ان الناخب يريد من القانون الانتخابي ضمان المساواة بين صوته وصوت اي ناخب آخر، وان تمثل منطقته في مجلس النواب ومجلس المحافظة بما يناسب وحجمها السكاني، وان يكون المرشح الذي انتخبه ممثلا له متحسبا لرغباته وحاجاته، متحررا بكامل ارادته،وليس اداة بيد زعيمه السياسي، كما يريد ان تكون الانتخابات متكافئة لجميع المرشحين والناخبين وليس حكرا،على القوائم الكبيرة المتنفذة، وهذا ما لايضمنه قانوني انتخاب مجلس النواب ومجالس
المحافظات.
(*)باحث قانوني