لماذا التلكؤ في إعمار محافظات الجنوب ؟

آراء 2019/08/05
...

الدكتور باسم محمد حبيب
شيء مفرح أن نرى الإعمار يجري على قدم وساق في كثير من مناطق العراق، فقد افرحتني كثيرا الأخبار التي نقلها لي جنود جاؤوا من وحداتهم العسكرية في محافظتي الأنبار وصلاح الدين عن مستوى الإعمار في مدن ومناطق هاتين المحافظتين، فهي أخبار تثلج الصدر وتجعلنا نشعر بأن عهدا جديدا قد حل وأن أيام الخراب والويلات مولية إلى غير رجعة، ما يجعلنا نتفاءل ونحلم بغد افضل لجميع العراقيين بعد ان يتراجع الإرهاب وينحسر الخراب الذي أمسك بخناقنا في المدة الماضية .
 فمما لا شك فيه أن نجاح هاتين المحافظين العراقيتين العزيزتين  في تخطي عتبة الدمار والفوضى والتحول إلى ميدانين كبيرين للبناء والإعمار لهو نجاح لجميع العراقيين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ليس لكونهما محافظتين عراقيتين نفرح لتطورهما وازدهار مجتمعهما وحسب بل ولكونهما يمنحاننا الأمل نحن أبناء المحافظات الأخرى في أن نسير مسارهما ونحذو حذوهما، فنتحول من التفرج على إنجازات أخواننا إلى معاينة خطواتهم والاهتداء بهم، لننظر إلى الأسباب التي تجعلنا متأخرين عنهم وعن إخواننا في محافظات كردستان الذين سبقوا الجميع في رحلة البناء، فإذا كان السبب فينا نحن أبناء هذه المحافظات فلنكن على قدر المسؤولية في تجاوز ذلك، وإن كان السبب في نوابنا ومسؤولينا الحكوميين والمحليين فلنعمل على مواجهة ذلك، ورفع أصواتنا في المطالبة بإعمار مناطقنا، لأن صمتنا هو هدر للوقت وقبول بالفتات الذي يلقى لنا من الموائد الكبيرة، فالجنوب المضحي يستحق أكثر من ذلك بكثير، فهو جزء مهم من هذا البلد الكريم، ومن حقه ان يحظى بما يستحق إعمارا وبناء وازدهارا، وإلا فإن السكوت يعني القبول بما نحن فيه من الإهمال والنكران وتجاهل ما تحتاجه محافظاتنا الفقيرة المعدمة من بنى تحتية وخدمات وتطوير لقطاعات الصناعة والزراعة والتعليم والصحة وإشغال للعاطلين وتحسين لمستويات المعيشة، فهذا حق لا مناص منه ولا يجب أن نهمله أبدا، فصوتنا الهادر المدوي هو من سيعطينا الأرجحية ويمنحنا الأمل في تخطي ما تعانيه مناطقنا من الإهمال،  وإلا لن يلتفت إلينا أحد وسنبقى مجرد منطقة متأخرة تعيش على تراث الماضي وأمجاد أسلافنا في سومر وأكد بلا حاضر أو مستقبل، وهذا ما لا يجب أن نرتضيه أو نقبل به.
لذا لابد ان تكون لنا وقفة قوية للوقوف على أسباب تلكؤ الإعمار في مناطقنا التي عمها الهدوء مدة طويلة ولم تعان ما عانته محافظات أخرى من الإرهاب والصراعات، فمعرفة الأسباب كفيلة في إيجادنا للحلول التي تمنحنا الأمل في تخطي عتبة اللا إعمار أو حتى الإعمار المحدود والبطيء الذي قد يطلقه بعضهم على حالنا، وإلا سنبقى ندور في حلقة مفرغة ومتاهة كبيرة لا نعرف نهايتها ولا نتلمس آفاقها أبدا .
فحي على المطالبة بإعمار مناطقنا .