حمزة مصطفى
نسيت حين قررت الكتابة عن حسن معيوف المتفوق الأول على العراق بالفرع العلمي ـ الإحيائي لهذا العام ــ اسمه. وعلى طريقة جورج قرداحي حاولت لأول وهلة الإستعانة بصديق يدلني عليه.
قررت الاتصال ببعض الأصدقاء من الناصرية حيث يعيش في إحدى قرى قلعة سكر لتذكيري باسمه بعد أن وجدت أن هذا الولد يمثل قصة نجاح حقيقية قد لا تتكرر بسهولة في حالة نادرة مثل حالته ووضعه الاجتماعي والبيئة التي يعيش فيها التي هي بيئة طاردة لكل العباقرة بدءا من إينشتاين وفيثاغورس.
قلت لأجرب حظي مع المنقذ من كل أنواع الضلال والنسيان والتوهان “أي غوغل”. وفي اللحظة التي قررت فيها كتابة اسم حسن معيوف تساءلت مع نفسي.. أيعقل أن يكون الطالب من ثانوية وضعت للتو على الخريطة اسمها “الطف” وفي قرية طينية تنتمي الى القرن السابع عشر ،في قرية تابعة لناحية لا أعرف اسمها حتى الآن وتتبع القرية والناحية قضاء اسمه قلعة سكر اسمه “حسن معيوف” قد وصل الى غوغل؟ وبالقدر الذي أفرحني تفوق حسن معيوف فقد خيب هذا الولد ظني حين ضحك علي مستر غوغل وأنا بهذا العمر.فما أن كتبت حسن وفي اللحظة التي كتبت فيها حرف الميم وإذا بالاسم يأتي كاملا “حسن معيوف” الذي لم يعد يفصله عن اليوكيبيديا إلا القليل.
ربما ثمة من يقول إن معيوف ليس هو الوحيد من حقق هذا المعدل (99 و86) فهناك 29 تلميذا حققوا نفس النتيجة لكن في حقول مختلفة “تطبيقي وأدبي”.
إذن لماذا كل هذا الاهتمام والإطراء بهذا التلميذ من دون الآخرين حتى لجهة المكافآت والتبرعات التي حصل عليها سواء من الجهات الرسمية أو من بعض الميسورين؟ أنا لا أعرف أحوال بقية التلاميذ المتفوقين الذين حققوا مايقرب مما حقه
حسن معيوف.
لكن طبقا لما شاهدناه عبر الفضائيات التي تولت عمل تقارير عنه بدءا من المنزل الطيني المتواضع جدا الذي يعيش فيه والبيئة التي تحيط به فضلا عن بعد المسافة (11 كم) التي تفصل منزله عن المدرسة, وهي مسافة يتعين عليه قطعها مشيا على الأقدام خلال فصل الشتاء البارد الممطر هذا العام, أي عام التفوق الكاسح بالنسبة
له.
أقول بالقياس الى كل ماتقدم فإنه يصعب تصور ولو من بعيد عن حالة مشابهة لحالته من بين زملائه الآخرين الذين يستحقون كل التقدير والاحترام والتقدير.
فالتلميذ الذي يحقق مثل هذه النتيجة سواء كان يسكن منزل حسن معيوف الطيني أو يسكن في الجادرية في رصافة بغداد أو شارع الأميرات في كرخها فإنه متفوق ولم تثنه عن الدراسة ماتثني مئات الآلاف من الطلاب الذين إما يحققوا نتائج متواضعة برغم توفير كل المستلزمات لهم أو قد لايحققوا أي نتائج
تذكر.
والخلاصة أن من يعيش في حالة تشبه حالة حسن لا يتوقع منه تحت أي ظرف تحقيق مثل هذه النتيجة وبلا مدرسين خصوصيين ولا ولا .. 99 ولا. وبالتالي فإن 99 حسن معيوف ليست
كمثلها 99.