إدارة التلكؤ

اقتصادية 2019/08/23
...

ثامر الهيمص
بلغ مجموع المشاريع المتلكئة في النجف وبابل حسبما اعلنت هيئة النزاهة (527) مشروعا بواقع 240 في النجف و287 في بابل، بسبب الازمة المالية التي انفق عليها اكثر من 284 مليار دينار، والباقي من المتلكئة والمتوقفة بشبهات فساد .
اما مشاريع النجف فهناك 104 مشاريع من ضمنها 45 مشروعا فيها مخالفات مالية وادارية وهي ممولة مركزيا، اما المحالة من قبل هيئة استثمار النجف فقد بلغت 136 مشروعا وهي متلكئة ولا تخلو من شبهات فساد .  
لنا ان نتصور حجم المشاريع المتلكئة على مستوى البلد بسبب الازمة المالية الناجمة عن محاربة "داعش" واضيفت لها مشاريع الاعمار وما نالها من تلكؤ وشبهات، وعلينا ان نقدر المبالغ التي رصدت وصرفت ثم توقفت وما اثرها في جانبي البطالة والاستثمار.
المشاريع المتلكئة هي مشاريع سكنية وصناعية وزراعية وبنية تحتية وسياحية،اي انها شاملة، كما انها سواء أكانت جديدة او قديمة تمتد بجذورها الى حرب العام 1980 حيث كان كل شيء من اجل المعركة ثم العقوبات الدولية وبرنامج النفط مقابل الغذاء، وتعطلت مشاريع كثيرة وصولا لقوانين بريمر للانفتاح التجاري الذي اجهض الصناعة والزراعة ليفتح الباب واسعا امام بدائلها، ولذلك لم تنهض المشاريع العراقية ما دامت بدائلها تواكب العملية الاقتصادية والمالية.   
المشاريع المتوقفة والمتلكئة، نشب فيها الفساد ،فالقديم منها ظل يراوح عطلا وتلكؤاً منذ ثمانينيات القرن الماضي سواء أكان اهلياَ او حكومياَ او مختلطاَ (المشاريع التي ازدهرت في التسعينيات) ثم تراجعت.
يبدو ان هذه الظاهرة، كتراجع متواصل، وراءه اجندات مختلفة الاتجاهات كالدولية والاقليمية وهذه طبيعة الامور في جميع تجارب النهوض والتحدي، فادارة هذا الملف كانت وما زالت تصعب على غير المختص معالجته سواء كان فردا او جماعة منذ الثمانينيات .     
فالمسألة لم تعد قضية نزاهة ومفتش عام واساليب سابقة لها، فهي باتت ببساطة تتمثل بمعالجة المخرجات التي تتفاقم سلبا ولا يعني هذا ان النوايا الحسنة غائبة عن هذا الملف حيث تشكل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد الذي اعلن عن قضايا ومشاكل تمس وتتعامل مع ملف عولج سلبا سابقا اذ لا تتسع الساحات لتغير دراماتيكي .     
فالمسألة لا علاقة لها بالسلطة المركزية بقدر ما تتعلق بالادارة، فلم تتميز محافظة على اخرى عمليا، ولا ذلك مرهون باقلمة البصرة اوغيرها، انها قضية بدأت تتحرك في المجتمع والادارة التي وصلت للجدار المسدود بالادوات الادارية القديمة تطرح الآن الحكومة الالكترونية، وصندوق استرداد المال العام وتنامي هيئة الرقابة المالية وقرب اقرار قانون مجلس الخدمة والمحكمة الاتحادية، وهؤلاء فقط كفلاء بانجاح ادارة ملفنا هذا واعادة الامور لنصابها اداريا وماليا واقتصاديا.