تحولت وسائل التواصل الاجتماعي الشائعة جداً هذه الأيام الى حالة أشبه بالإدمان على المخدرات تقريباً، ولو فكرنا بالموضوع قليلاً فماذا سنفعل بالهاتف عندما يصيبنا الملل إذا كنا لا نملك تطبيقات مثل فيسبوك وتويتر وانستغرام وغيرها؟، لكنْ من المهم جداً ايضاً معرفة قوة تأثير هذه التطبيقات في تدمير العلاقات
الانسانيَّة.
النقاش بشأن ما إذا كانت هذه العلاقات الإنسانية متينة أم لا فهو نقاشٌ مختلفٌ تماماً، إذ كان الناس يتمتعون بالكثير من الخصوصية قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، لكنهم الآن أصبحوا مهتمين جداً بهذه الوسائل ولم يعودوا يميزون الاختلاف بين الخصوصية وما يُقصد بالاحتفاظ به سراً.
وقد تبدأ الجدالات في أي علاقة عندما يرغب أحد الطرفين أنْ تكون العلاقة رسميَّة على وسائل التواصل الاجتماعي حفاظاً على خصوصيتها، وبالنتيجة قد يشعر البقية بأنهما يحاولان الإبقاء على علاقتهما سريَّة.
ولو أحسست أنك بحاجة الى وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة مدى مصداقية العلاقة التي أنت طرفٌ فيها، لربما يكون الشخص الذي أنت معه غير مناسب.
ففي بعض الأحيان ينغمس الأزواج كثيراً في وسائل التواصل ويمضون أكثر وقتهم بنشر الصور والتعليقات عن علاقتهما التي لا يعيشانها في الواقع مثلما تصوره تلك اللحظة الآنيَّة. وعندما يخرجان مع بعضهما يقومان بتحديث حالتيهما باستمرار أينما ذهبا بدلاً من أنْ يتركا الهاتف جانباً ويستمتعا بالوقت معاً.
الواقع يخالف الافتراض
وحين يدخل شخصان في علاقة ويختاران إبقاءها بعيدة عن وسائل التواصل الاجتماعي، فهذا يسمحُ لهما بقضاء وقت جميل سوية والوصول من خلالها الى أقصى سعادة ممكنة، والاستمرار بهذه العقلية والتفكير سيجعل الأزواج يفهمون بأنه ليس عليهم إثبات أي شيء لأي شخص وإنما الإثبات لبعضهما البعض، ليكونا أسعد وأكثر ارتباطاً بنفسيهما
وببعضهما.
إنَّ بعض الأزواج ينشرون باستمرار صوراً على وسائل التواصل لإيهام الآخرين بأنَّ كل شيء مثالي في علاقتهما.
لكنْ هل رأيت يوماً واقعياً في حياة هؤلاء الأزواج؟، لربما يكون الزوجان احياناً غير سعيدين في علاقتهما لذا ينشران صورة مع أشخاص آخرين مهمين بالنسبة لهما، ليستقبلا عدداً كبيراً من التعليقات الإيجابيَّة واللايكات إثباتاً لصحة ومتانة علاقتهما بطريقة ما.
الحل في الحوار والحديث
إما إذا كنت في علاقة مع شخص وتشعر بأنك ربما قمت بهذا في السابق، فلا تحير نفسك أكثر لأنَّ معظمنا ربما يكون قد قام بذلك بلحظة أو بأخرى. وعندما تكون بحاجة لمعرفة بعض المصداقيَّة في هذه العلاقة فعليك أنْ تعلم بأنَّ الذهاب الى الشريك والتعبير عن هذه الحاجة هي الطريقة الأمثل، لذا اترك الهاتف جانباً وابحث عن الحل في الحوار والحديث.
وعندما يُصاب شخصٌ ما بالهوس تجاه آخر ذي مكانة مهمة لديه أو عندما يمر في مشكلة، يلجأ الى نشر حالته ليتعرف الجميع على المشكلة، وفي معظم الحالات يتلقى تعليقات فيها كمية من الذّم وآراءً ليس لها صلة بالموضوع أصلاً. وبهذا سيفتح الباب أمام الآخرين للتدخل بشؤونه
الشخصية.
وحالما يحدث ذلك، يصبح الناس الفضوليون أكثر تدخلاً في العلاقة، ويتصرفون كأنهم مهتمون جداً بها وذلك لمعرفة ما يدور فعلاً بين هذين الزوجين، وحالما يدير الزوجان ظهرهما يجدون شيئاً ليغتابونهم حوله، وسيعرف الجميع شؤونهما بأقرب وقت وبصراحة هكذا تبدأ الاشاعات.
وينبغي أن نتذكر دائماً أنَّ العلاقة تجمع بين شخصين فقط، ومن المهم الحفاظ على الخصوصية في الكثير من الأمور حول هذه العلاقة سواء كانت جيدة ام سيئة.
الإبقاء على الخصوصيَّة
المشكلة إنَّ الغرض المبدئي من وسائل التواصل الاجتماعي الآن هو أنَّ البعض يستخدمها كمذكرة شخصية، ويبدو أنهم لا يمكنهم الاستيقاظ والقيام بأي عمل قبل أنْ يقوما بنشر شيء ما حول حياتهما الشخصية.
فعلى سبيل المثال هناك امرأة أُمٌ لثلاثة اطفال تحب نشر الصور على وسائل التواصل عندما يكون شريكها لا يتصرف بشكل صحيح، غير مكترثة بما تسببه من حرج ليس لنفسها ووالد أطفالها فقط بل لأطفالها ايضاً، كل ذلك من أجل أنْ تجعل من كل لحظة تعيشها حدثاً تنشره على وسائل التواصل لتظهر أنَّ الأمور تسير على ما يرام وأفضل من أي وقت آخر. ولا يمكن أن نتخيّل كم هو مرهقٌ الشعور بالحاجة الى إخبار الناس باستمرار عما يجري في حياة الفرد
الشخصيَّة.
وفي الختام سيعلم الجميع أنَّ ليس كل علاقة هي عبارة عن فرح وسعادة دائمة. وطالما يعيش الشريكان تجربة الحياة معاً بالتأكيد سيمران بخلافات وضغوطات.
وكما ذكر السابقون عندما يدخل شخصان في علاقة معاً فيجب أنْ تكون علاقتهما خاصة ومقدسة، كما يجب بذل الجهد لترك هواتفنا جانباً ومحاولة التمتع وقضاء أجمل الأوقات مع شركائنا في الحياة.