في أكثر من مرة عندما نزور أحدى مدن كردستان يكون الحديث مع سائق التكسي أو البائع عن أحوالهم فيكون الجواب من قبل هؤلاء نحن بخير طالما أنتم هنا،ذات مرة قلت لرجل لو كنت رئيس وزراء كردستان كيف تتصرف لحل الخلافات بين المركز والإقليم؟ ضحك الرجل وقال رغم أنني بعيد عن هذا إلا أنني سأحمل حقيبتي بما فيها من ملفات وأذهب إلى بغداد للحوار.
الحديث مع الرجل كان قبل شهرين من تشكيل حكومة إقليم كردستان،وعندما تشكلت الحكومة كان الخطاب السائد يركز على نقطة الحوار بين أربيل وبغداد،كنت أتابع ذلك من شاشة التلفاز وتذكرت ذلك الرجل الكردي الذي وعدني بأن يحمل حقيبته وملفاته صوب بغداد.
توقعت كما توقع غيري من المتابعين أن تكون خطوة حكومة إقليم كردستان الأولى تتمثل بفتح حوار مع الحكومة الاتحادية وهذا يمثل عين الصواب.ولعل هنالك ثمة قراءة للشارع الكردي من قبل مسؤولي الأقليم من أجل تجاوز ما مروا به سابقا.
زيارة السيد مسرور بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان العراق لبغداد والتي شكلت نقطة مهمة في سبيل بداية تصفير المشاكل بين المركز والإقليم خاصة وإن المرحلة الماضية كانت مشبوهة بالكثير من المشاكل سواء ما تعلق منها بتصدير النفط أو المناطق المختلف عليها وغيرها.مضافا الى ذلك الأزمة الاقتصادية التي عانى منها شعبنا في الإقليم والتي انعكست على حياتهم العامة بما في ذلك القطاع السياحي الذي يعتاش عليه الكثير من أبناء الإقليم.
ومن جانب آخر نجد إن وضع منطقة الشرق الأوسط بصورة عامة ومحيطنا الإقليمي بشكل خاص تتطلب أن نتجاوز الكثير من المشاكل وأن تكون هنالك تفاهمات لها من أجل وحدة العراق خاصة وإن هذه الحوارات بين بغداد وأربيل تجري في ظروف طبيعية من شأنها أن تقود إلى تفاهمات كبيرة تفضي بالنهاية لحلول المشاكل العالقة بين المركز والإقليم.خاصة وإن الدستور العراقي لعام 2005 يعتبر الفيصل في حل الكثير منها وهذا ما لمسناه نحن كمتابعين في خطابات القيادات في الإقليم سواء السيد مسرور البارزاني أو رئيس الإقليم نيجرفان البارزاني وحرص الجميع على حسن النوايا وبناء علاقة راسخة ومستقرة مع الحكومة الاتحادية وهي نقطة مهمة يسعى لها الجميع في هذا الظرف. وتجلى ذلك بوضوح في قول السيد مسرور بارزاني “لقد آن الأوان لشراكة بناءة وأكثر استقراراً مع بغداد”،وهو ما يدلل على أن هنالك رؤية جديدة تجد إن الشراكة الإيجابية هي التي تقود للاستقرار التام والتنمية المستمرة.وخلاصة ما يمكن قوله إن الظروف مؤاتية الآن بشكل كبير جدا لعقد جلسات حوار وفق الدستور العراقي المتفق عليه من قبل الجميع تكون غايتها الأولى ترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز جسور الثقة بين الجميع بما يعزز من استقرار البلد وتقدمه نحو الأفضل وتجاوز الخلافات.