الثالوث المرعب

آراء 2019/08/31
...

حمزة مصطفى
بالقياس الى كل مايمكن رصده من مشاكل اجتماعية أو اقتصادية أو فكرية أو سلوكية يعانيها المجتمع العراقي اليوم فإن حالات العنف الأسري والطلاق والمخدرات تكاد تكون هي الثالوث المرعب الذي يتوجب أخذ الإجراءات اللازمة لدرئه والتعامل معه بحزم. فطبقا لما أعلنته المحكمة الاتحادية الأسبوع الماضي إنه في الوقت الذي تم فيه تسجيل أكثر من 30  الف حالة زواج في  عموم المحاكم العراقية خلال شهر تموز الماضي فإن عدد حالات الطلاق بلغت أكثر من 7 الآف حالة. صحيح أن نسبة الطلاق بالقياس الى الزواج تشكل نحو الخمس لكن مردوداتها الاجتماعية والمجتمعية عالية بل ومقلقة الى
 حد كبير. 
فإذا كان الزواج هو بناء أسرة فإن الطلاق هو ليس تهديم أسرة واحدة بل عدة أسر في  آن واحد نتيجة لما يترتب عليها من خصومة وربما مشاكل بين عائلتي الزوج والزوجة اللذين إختارا اللجوء الى أبغض الحلال فضلا عن مشكلة حضانة الأطفال وما الى ذلك
 من تبعات.
هذه النسب المرتفعة في الطلاق أسبابها باتت معروفة وفي المقدمة منها التفكك الأسري بسبب الانفتاح بلا حدود في العلاقات الاجتماعية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالعالم الافتراضي بات بالنسبة للكثيرين بمثابة بديل أحيانا قسري أو وهمي للعالم الواقعي. لذلك كثيرا ما يقع الكثيرون نساء ورجال سواء كانوا في عمر الشباب أو حتى في أعمار متقدمة أحيانا ضحية هذا الوهم.
 وللعنف الأسري أسبابه الأخرى ومن بينها آفة المخدرات التي باتت تفتك بالمجتمع بطريقة تبدو وكأنها مدروسة ومحبوكة من قبل الجهات أو الأطراف أو الأجندات الداخلية والخارجية التي تشجع على هذه الظاهرة وتوفر لها كل مايلزم لإنتشارها من حواضن ومستلزمات
 وحماية. 
الصلة بين العنف والطلاق والمخدرات تبدو متلازمة كونها تنطلق من دوافع واحدة وهي التفكك والانحلال وتؤدي الى نتيجة واحدة وهي تدمير المجتمع وتفكيك نسيجه. وعند البحث عن الأسباب التي لابد منها كمقدمة لوضع الحلول فإن هناك وجهات نظر متباينة أود الوقوف عند وجهة النظر التي تذهب الى  نظرية المؤامرة, بمعنى أن هناك من يستهدف العراق عبر نسيجه الاجتماعي والعشائري بطوائفه وأعراقه وأديانه.
 وفي الوقت الذي لايمكن استبعاد مثل هذا العامل كليا فإن  التركيز عليه بوصفه الأصل فيما بتنا نعانيه
 من مشاكل وأزمات ومن بينها مثلا  حالات الانتحار أو العنف الخطير الذي بات يمارس ضد الأطفال أو انتشار المخدرات حتى بين تلاميذ المتوسطة يعطي إنطباع وهميا بأن مجتمعنا سليم بحد ذاته بينما المشكلة من خارجه. وهذا في الواقع غير صحيح أوفي الأقل محاولة للهروب الى الأمام وعدم الاستعداد للاعتراف بالخلل البنيوي الذي بات يعانيه المجتمع العراقي عبر إهتزاز قيمه عقب الانفتاح غير المسبوق
بعد عام2003. 
هذا الانفتاح  غير التدريجي ومع عدم وجود أي ضوابط ولا روادع أديا الى اختلال في التوازن سواء على مستوى الشخصية العراقية على مستوى الفرد الواحد أوالوحدة المجتمعية سواء كانت أسرة أم قبيلة نتج عنه المشاكل والأزمات التي بات يمثلها الثالوث الأخطر الذي نعاني منه الآن وهو العنف
 والطلاق والمخدرات.