نبيل ابراهيم الزركوشي
يُعرف علماء الاقتصاد الاستثمار بانه الانفاق في مجال معين يمكنه تحقيق المزيد من الدخل مستقبلا واذا ما بحثنا عن صورة لهذا التعريف في احدى اهم مجالات الحياة نجدها واضحة في المجال التربوي فمن الاهداف الجوهرية للتربية هو استثمار عقل الانسان من خلال الانفاق عليه عبر مؤسستها التي تبدأ بالمدرسة وصولا الى الجامعة
لذا فالانسان هو راس المال وعقله هو مجال الاستثمار الذي كلما تم تزويده بالمزيد من الخبرات الدراسية سوف يكون عطاؤه اكبر وهي علاقة طردية فكلما كبر علم الانسان ازدادت الفائدة منه وان ايجاد مساحة كافية لهذا الاستثمار سوف يؤدي لا محال الى كسب كبير في جميع مجالات الحياة ولاسيما التطور العقلي للفرد الذي هو احدى اهم مرتكزات بناء المجتمع وهذه الصورة واضحة وجلية في المجتمعات التي سبقتنا في هذا المجال ولعل اشهرها اليابان التي تجبر معلميها الحصول على الشهادات العليا كي يكونوا مؤهلين لتدريس الصفوف الاولى، لذا وجب على الدولة التفكير الجدي لا بل العمل وبالسرعة الممكنة لكسب الوقت للخوض في هذا النوع من الاستثمار اذا ما علمنا ان عملية الاستثمار هذه تتوفر لها القاعدة الكاملة من خلال توفر الكوادر المتمكنة التي تسخر بها الجامعات العراقية وبالجانب الاخر الرغبة التي افصحت عنها الاعداد الهائلة من المتقدمين للدراسات العليا هذا العام التي في حال قبولهم من المؤكد سوف يكونون خير استثمار بانتشارهم في المؤسسات التربوية وفي نفس الوقت وخاصة النفقة الخاصة ومبلغها الذي لا يستهان به سوف يوفر لهذه الجامعات وارداً مالياً من شأنه ان يسهم في بناء المختبرات ويخصص جزء منه للابحاث والدراسات التي هي احدى المؤشرات الرئيسة للتصنيف العلمي لأي جامعة وكي لاندع هذه الاموال تجد طريقها الى خارج البلد من خلال الدراسة في الخارج ونحن نعلم ان الدول جميعها تستقطب الدراسين وتستفيد منهم مادياً من دون تطوير قدراتهم في مجال تخصصهم وهو امر بديهي جداً لان الغاية المنشودة من ذلك هو الكسب المادي فقط لا بل في اكثر الاحيان سهولة الحصول على الشهادة من جامعة معينة يجعل منها مصدر جذب للباقين وهو امر بات واضحا جدا.
لذا يجب التفكير وبجدية لجعل الجامعات العراقية تتنافس لاستقطاب الدارسين العراقيين وحتى الاجانب من خلال زيادة عدد المقاعد للدراسات العليا اذا ما عرفنا عدم تناسبها مع اعداد المتقدمين لها وقد تم ابعاد اعداد كبيرة هذه السنة من الراغبين بالدراسة وهذا امر لا نجد مثيل له في اي دولة بالعالم هو ان تستبعد موظف حصل على عدم الممانعة للتقديم من دائرته وعلى استعداد لدفع مبلغ الدراسة الى الجامعة التي هي بحاجة الى هذا المبلغ كما تفصح عنه المؤشرات والدلائل التي من اهمها ابتعاد جامعتنا عن التصنيف العالمي لعدم توفر الاعتماد المالي لها وهي ايضا مخالفة دستورية صريحة وواضحة اذا ما عرفنا انه جاء في الدستور العراقي المادة (34 )أولاً: التعليم عاملٌ أساس لتقدم المجتمع وحقٌ تكفله الدولة،
لذا تضيق فرص التعليم على افراد المجتمع واجبارهم البحث عن سبل اخرى ولعل اسهلها كما اسلفنا القول في ما سبق هو الحصول على شهادة تفتقد للتأهيل العلمي الصحيح من الخارج امر يجب ان يقف عنده السادة المسؤولون وبجدية وهم من الحرص على اموال الشعب اكثر من أي شخص اخر وتعظيم واردات الوزارة احدى اهم سبل نجاح عملها وتعطي صورة واضحة على ارض الواقع لمنجزاتها من خلال تحسين واقع البحث العملي بتوفير عوامل لانجاحها ولاسيما الدعم المالي وتوسعة المقاعد بما يتناسب مع اعداد المتقدمين وهو امر لايكلف الدولة أي تكاليف مالية لا بل سوف يساعد على التطوير العقلي للفرد والاستثمار الذي من شأنه تطوير المجتمع.