التعليم المهني

اقتصادية 2019/09/03
...

ثامر الهيمص
سلطت المقابلة التي نشرتها "الصباح" في 25/ تموز 2019 مع نائب رئيس منتدى بغداد الاقتصادي باسم انطوان، الاضواء على ملف مهم جدا وركن اساس في تحقيق تنمية مستدامة تحررنا من هشاشة الاقتصاد الريعي،  اذ اكد فيها انطوان الحاجة من 4 – 5 عمال مهرة، مقابل مهندس واحد، ما يعني توجيه 30 بالمئة من التعليم الاكاديمي الى تعليم مهني، علما ان هناك 4 جامعات تقنية موجودة في بغداد والموصل والنجف.
السؤال هو : اين تختنق مخرجات هذه الجامعات ؟ من حيث المبدأ انها تصطدم بغياب تنمية مازالت ترتكز على الاقتصاد الحقيقي المحشور في زاوية ضيقة بفضل الاستيراد الانفتاحي الذي قلص حصة الزراعة والصناعة الى نسبة 5 بالمئة من الناتج المحلي، ما جعل التنمية المستدامة  تراوح في خانتي الزراعة والصناعة وصولا للخدمات كقطاع ثالث كما تعكسه السياحة التي لا يتعدى حظها من الناتج القومي 3 بالمئة.
السؤال الثاني: هل لدينا ازمة بطالة ام شح في الكادر التقني؟ الحقيقة لدينا فائض في العمالة الفنية من خريجي الجامعات الاربع، وعند استيعاب هذا الكم في الورش والمشاريع نعيد النظر في قلب المعادلة اكاديمي / فني ولكن هذا لا يعني انه امر غير ضروري ليتناسب مع اداء وحجم مشاريعنا.
معوقنا للتنمية المستدامة ليس مسألة عمالة فنية، حيث معاملنا وورشنا راكدة ليس بسبب العمالة الفنية بجوانبها الاكاديمية والفنية، واللاتوازن بينهما تحصيل حاصل من اختلالات الاقتصاد الريعي وسوء توزيع مدخولاته، ما أوجد شرائح جديدة احادية الجانب معمقا التفاوت الاجتماعي ليقطع الصلة التي تنشدها التنمية المستدامة.       
فاذا كانت لدينا ورش ومشاريع عاملة فانها ستمتص مخرجات التعليم المهني،  وعندها فقط نضع العربة خلف الحصان، وقبل التفكير في طبيعة العلاقة بين الاكاديمي والفني علينا ان نعيد هيكلة مخرجات التعليم المهني، ولعل أنموذج القطاع المختلط، كتجربة، يسعفنا في الحد من اسباب تراجع هذا القطاع.     
فعندما يتسرب التلاميذ من الابتدائية ليرفدوا سوق العمل، مع وجود عمالة غير ماهرة مستوردة خير دليل على تفاقم الخلل البنيوي، ولكن الضرورة، في هذه الحال ستحتم زج صغارنا في الورش ورعايتهم اكاديميا، وحسب منهج عملهم، ومنحهم الشهادات التأهلية، ليزايد عليهم اي تقني في الورش.     
وكما يذكر السيد انطوان ان المانيا وجنوب شرق اسيا، كرواد في تجربة التعليم المهني، وعوا اهميته بعد الشروع الفعلي ليقدروا الحاجات الفعلية ومردوداتها الاجتماعية والمالية لذوي العلاقة.   
في الختام لا نبخس الجهود العملية لخبرائنا اذ قدموا المسلتزمات العملية للتعليم المهني واهميته للتنمية المستدامة ولتحريك المعامل والورش المتوقفة والمتلكئة، بغية اعادة الاعتبار لقيمة المهن والاحترافية.