طقوس المغتربات في لبنان لإحياء ذكرى عاشوراء

اسرة ومجتمع 2019/09/06
...

بيروت / غفران المشهداني
اعتاد محبو الإمام الحسين وأهل البيت عليهم السلام سنوياً على إحياء ذكرى عاشوراء، وفي لبنان ومع بدء شهر محرّم غالبا ما تنظم سرادق العزاء في الشوارع، وترتدي النساء الثياب السود ويقمن بمشاركة أصحاب المواكب بتوزيع النذور والطعام والشاي والمياه والكعك و(خبز العباس على الأيتام والفقراء)، الذي يُحضّر في الخيم والبيوت والمجالس، كما تقدم “الهريسة” أيضا على  الزوّار، رافعات رايات الولاء للثورة الحسينيّة الخالدة.
روحانيَّة كبيرة
تقول المغتربة المصريّة زينب أيهم من منطقة النبطيّة عن طقوسها: “أقيم في لبنان منذ ست سنوات وفي كل عام مع زوجي ننظم موكب عزاء صغيرا في الحي الذي نسكن فيه ونقوم بتوزيع الكعك والشاي والتمر على المارة وأيضا أكلة “القيمة والرز” وإن لم يكن بكميات كبيرة جداً ولكن حسب امكانياتنا الصغيرة”،  مشيرة: “أشعر بروحانيّة كبيرة خلال مشاركتي النسوة اللبنانيات ومن مختلف الجنسيات العربية المغتربة في هذه الطقوس لأن إحياء هذه الذكرى الأليمة تمثّل قداسة خاصة عند جميع المسلمين، فالإمام الحسين عليه السلام درس للجميع في الشجاعة والتضحية وتصوري حتى من الديانة المسيحية هنالك مشاركات من النسوة وهذا ما شاهدته بنفسي في كل عام، فعزاء الإمام الحسين لم ولن يقتصر على مذهب دون اخر او مشاركة العزاء بدين دون آخر”.
وتشير المغتربة العراقية نورس حسن من منطقة “الشيّاح” بقولها: في كل عام اعتدت توزيع “خبز العباس” الرغيف محشّى بالخضراوات واللحوم على جميع الناس المارة وعلى جاراتي ومنذ دخولنا في شهر محرم وحتى يوم العاشر منه وأشعر بسعادة وأنا أشارك الجميع هذه المراسيم، وأتمنى أن نبقى دائما نحن العرب أخوة متحدين بوجه الفتن والإرهاب، وان يفرّج الله هذه الغمّة علينا وتستقر الظروف ويعاد بناء مدينتي وبيتي لارجع مع أطفالي إلى وطني ومدينتي الموصل”.
 
مشاركة الأطفال
الشاي والمواكب الدينيّة، شيئان لا ينفصلان عن بعضهما البعض، كما أن الشاي الذي يُقدّم للمعزين والقائمين بالعزاء يبدو له نكهة ورائحة مختلفة عن الذي يقدم بالأيام العادية وتضيف المواطنة اللبنانية الحاجة خيرية سليم من منطقة الدكوانة: سبحان الله اصنع إبريق الشاي لعائلتي كل يوم ولكن في أيام عاشوراء اصنع الشاي من ذات النوعية ولكن لماذا نكهته أطيب في هذه الذكرى الأليمة؟ إنّها بركات الإمام الحسين وأهل البيت عليهم السلام”.
 مضيفة: أسعى مع زوجي وأولادي واحفادي لاستثمار يوم عاشوراء لمساعدة الفقراء والنازحين السوريين واللاجئين العراقيين وتعزيز التكافل الاجتماعي ولا يقتصر التوزيع للزوّار والمارة فقط، وهذه من أسمى الطقوس لإحياء ذكرى عاشوراء وترجمة عشقنا لأهل البيت عليهم السلام”.
 للمرأة المغربية طقوسٌ أيضا فتوضح المغتربة نسرين خالد من منطقة حارة حريك؛ “في صباح يوم عاشوراء، تفتتح الكتاتيب القرآنيّة لترديد قصائد المدح في الرسول وآل البيت، كما أن  احياء يوم عاشوراء لدينا يشمل مشاركة الأطفال ولديهم طريقتهم الخاصة، فيتجولون على شكل مجموعات صغيرة من منزل لآخر، ويطرقون الأبواب، سائلين الأهالي، ليقدم لهم بعض الهدايا، فيمنحهم البعض النقود، وآخرون يقدمون لهم بعض الفواكه الجافة”.
مشيرةً: خلال أيام شهر محرم حتى بدء يوم عاشوراء ينتعش الإقبال من قبل الأسر المغربية على الفواكه الجافة، إذ نشتري التمر والتين واللوز والفستق والحمص والزبيب والجوز، ويجتمع أفراد العائلة حول الولائم الخاصة بيوم عاشوراء”.
 
تحقيق أمنية
فيما تستذكر المواطنة اللبنانيّة زينب فادي وهي فتاة من الديانة المسيحيّة ذكرياتها عن يوم عاشوراء فتقول: “ذهبت برفقة ابي وأمي قبل عامين إلى كربلاء للمشاركة في احياء عاشوراء لقد أحببت الإمام الحسين وأهل بيته فهما مدينان لله ولهم بتحقيق أمنية الرزق بالأطفال فقد استمر زواجهما لأحد عشر عاما ولم يرزقا بالأولاد، وكانت لأمي مغتربة جارة عراقية نصحتها بطلب المراد من الإمام الحسين عليه السلام، وفعلا قامت أمي رفقة أبي بزيارة الإمام الحسين وشقيقه العباس عليهما السلام خلال أيام محرّم وسبحان الله فقد حقق الربُّ أمنيتهما ورزقهما الله بي، وقد أصرت أمي ان يكون اسمي بهذا الاسم، لذا انا وعائلتي كل عام نشارك النسوة من الديانة المسلمة لإحياء هذه المناسبة”.
مضيفة: “طقوس المواكب الحسينيّة في العراق مازالت بذاكرتي وكرم الشعب العراقي لم أر مثله في حياتي، ولاتزال نكهة “القيمة والتمن/ الرز” التي تطبخ بهذه الأيام في فمي لا يمكنني أن أجد أطيب منها في مكان آخر، وكذلك “الزردة”،  أما “الآش”  فطعمه مميّز لم أتذوقه إلّا في مدينة كربلاء، آه كم أعشق العراق ربي يحفظ هذا الشعب الطيب والمضياف، وأدعو الرب أن نتوحّد أكثر مسلمين ومسيحيين ونقف معا بوجه الإرهاب ونتعلّم من رسالة الإمام الحسين عليه السلام”.
وللمغتربة الجزائرية طقوسٌ ايضاً إذ تؤكد المغتربة نجاة فوّاز من منطقة صبرا: المرأة الجزائرية حين تقيم في بلدي الأم أو  في المهجر فإنّ الطقوس ذاتها إذ نقوم بقص الأظافر وبعض من خصل  الشعر في هذا اليوم، إلى جانب طبخ وجبات من الدجاج مثل “شخشوخة البساكرة والتريد” وفي لبنان نضيف على هذه الطقوس التي اعتدناها بارتداء ملابس السواد ونخبز للزائرين كعك العباس والشاي على الزائرين ونحضر المجالس الدينية الخاصة بالنساء، ما يفرحني باحياء ليالي محرم ومراسيم عاشوراء ان الامام الحسين عليه السلام يجمعنا على التكاتف والسلام وحب الآخر بغض النظر عن العرق واللون والدين، عظم الله أجرنا وأجور جميع المسلمين أينما كانوا”.