ماذا سيكتب عنا التاريخ؟!

آراء 2019/09/07
...

زيد شحاثة
 
يخاف العرب كثيرا على صورتهم التي يراها الناس عنهم, فنراهم كثيرا ما يهتمون بما يظهر منهم, والشكل والهيئة والمظهر العام, بل والانطباع الذي يتولد عنهم لدى الآخرين.. ويعطون لذلك أهمية كبرى فوق ما تستحق, وخصوصا زعماءنا وكبراءنا وقادتنا..
وهل هناك موضوع أهم من ذلك؟! أو ليس كلنا يريد أن تنقل عنه صورة إيجابية وجميلة وزاهية وبراقة, ويكون محبوبا لدى الجماهير؟!
يركز “كبراؤنا” كثيرا على تلميع صورتهم, ويصرفون المبالغ الطائلة على ذلك, فيظهرون بمظهر المحسن النزيه والقائد المغوار “ في خطاباتهم طبعا” وممن لا يدخرون جهدا في خدمة امتهم ووطنهم, بل ويُظهرون استعدادا عاليا للتضحية في سبيلهما.. أليس كذلك؟!
بنفس السياق, فهم لا يترددون في لصق أبشع التهم والصفات بخصومهم وأعدائهم, حقيقية كانت أو مختلقة.. وهم يفعلون ذلك, لإظهار الفرق الكبير بينهم وبين هؤلاء, ومدى رفعة “ مبادئهم وقيمهم” مقارنة بالآخرين.. وهذه طريقة يبدو أنها ناجعة ناجحة, فإن لم تكن تملك ما تفخر به, انتقص وسقط الآخرين ليعلوا نجمك!
كل هذا يدور حول فكرة واحدة تؤرقنا, تتعلق بالكيفية التي سيذكرنا التاريخ بها, عندما تحفظ وتؤرخ فترتنا التي نعيش فيها.. من خلال كتب أو من خلال ذاكرة من يعايشوننا ومن ثم ينقلونها لمن بعدهم من أجيال.
بالتأكيد سيُذكر العرب لا بأنهم خير أمة أخرجت للناس, بل الأمة التي أبيدت بعض شعوبها على يد شعوب شقيقة لها, فيما كان الباقي يتفرج.. وبأنهم الذين استباحتهم  دويلة إسرائيل حد الخزي وكانوا يهرولون متوسلين أن تقبل التطبيع معهم!
هل هذا يكفي كذكر طيب وحسن لنا؟!..لا أكيدا, فهم سيذكرون أننا كنا نُضرب بقنابل نحن ندفع ثمنها, وأننا نجبر أن نبيع نفطنا بثمن يحدده أعداؤنا, وأننا نتغنى ليل نهار بمبادئ وأخلاقيات ودولة محمد بن عبد الله وعلي أبن أبي طالب, لكننا نسينا حتى أننا عرب كما نزعم!
هل هذا يخص العرب وحدهم؟! هذه قسوة وجلد للذات.. فهناك آخرون مثلنا.. نعم فنحن نشترك معهم بأننا, أمة محمد عليه وآله أفضل الصلوات, حينما باسم الدين ذبحنا بعضنا, وصرنا باسم الإسلام, أطيب وأرق وأرحم دين, قدمنا أفظع وأوحش وأسوأ نموذج يمكن تقديمه, فصدرنا القاعدة وداعش والنصرة ولا ندري ماذا بعد!
ما هذا الكلام المليء الحاقد! فكله كلام غير صحيح, أو ربما يكون صحيحا.. لكن التاريخ سيكون لنا, فالتاريخ يكتبه المنتصرون.. وسنكتب ما نريد عن فتوحاتنا وعن القسط والعدل لدى حكامنا, عون حكوماتنا ودولتنا الإسلامية, وعن خيرنا وثرواتنا الكثيرة الذي أعطيناها للدنيا كلها دونا عن أهلنا, وعن العلم والمعرفة التي نشرناها على الدنيا, ونحن سننتصر عاجلا أو أجلا.. سننتصر!
هل حقا إننا سننتصر؟!