خادمة ليست قامعة

آراء 2019/09/07
...

حميد طارش
 
ظل الإنسان العراقي محروما من أبسط مقومات العيش الكريم وقد تحولت أجهزة الدولة المتعاقبة من أجهزة خادمة إلى أجهزة قامعة ومهينة واتذكر جيدا الارق والهم الذي كان ينتاب والدي عند اي مراجعة لتلك الأجهزة وها انا ارى الحالة نفسها عند ولدي ومع التطور الذي شهده العالم إبان ثورة تكنولوجيا المعلومات وكيفية استغلالها من قبل الحكومات الانسانية التي تحترم مواطنيها وتقديم افضل الخدمات لهم واعفاءهم من عناء مراجعة الدوائر الرسمية عن طريق استخدام الانترنت وبذلك حققت سعادة مواطنيها وكسبت مودتهم وتعاونهم فضلا عن التخلص من الفساد الاداري والمالي بسبب حجب الاتصال المباشر بين المواطن والموظف وما قد يدفع إلى ارتكاب جرائم الرشوة وغيرها من الجرائم كما أن الطريقة المذكورة تصب في صالح الموظف لمنعه من الانشغال المباشر بالمواطن ومن ثم إتاحة فرصة للتفكير برفع مستوى الاداء وجودة الخدمات المقدمة.
وقد أشرت في عدة مناسبات الى أن الموظف في الدول المتقدمة ليس ملاكا محصنا من الفساد ومجبولا على خدمة الناس ولكن آليات العمل هي التي جعلت منه ملاكا محصنا وللأسف عندنا في العراق وعلى الرغم من القيم الدينية والاجتماعية لكنها لم تمنع او تحد من الفساد والروتين والبيرقراطية التي جعلت من يوم المواطن الذي يراجع فيه دائرة حكومية يوما سيئا للغاية لتعرضه للإهانة والابتزاز بل وتحمل أخطاء الدائرة وسوء إدارتها وروتينها الممل والمكرر وعملها على طريقة ( آه ديكي نحباني) المضحكة المبكية.
لقد تفاءلنا بالخير عندما اعلنت الحكومة في عام ٢٠١٤ عن خطة تبسيط الإجراءات لكنها توقفت وهناك خيفة من ان يكون الفساد هو من اوقفها.
وهنا اسأل النظام السياسي وعلى سبيل المثال وليس الحصر: هل يقبل بالارملة وأم الشهيد او زوجته وعلى ما فيها من حزن وفاقة ان تتقلب بين دوائر الحكومة من أجل انجاز إجراءات روتينية بائسة وقد تنصرف عنها! هل هذا جزاء ماقدمته للوطن بينما في بلدان الغرب التي يسمونها(كافرة) تلبى احتياجات المواطن من دون عناء يذكر.
تبسيط الإجراءات الحكومية لا يحتاج بنى تحتية ورؤوس أموال إنما يحتاج إلى ارادة سياسية صادقة بالتخلي عن الفساد الاداري والمالي وصولا إلى خدمة المواطن وتامين حقوقه الدستورية عن طريق استثمار تكنولوجيا المعلومات وربط الدوائر ذات العلاقة بالخدمات التي تقدمها واتاحتها إلكترونيا للجمهور وعندئذ تكون الحكومة قد التزمت بالقوانين التي تنص على ان يقوم الوزير المختص باصدار تعليمات لتسهيل تنفيذ القانون وليس تعقيده وتفريغه من محتواه وانصراف المواطن عن الاستفادة منه وبهذا ترجع إلى أصلها خادمة وليست قامعة.