طريق لم يسلكه محبو الحسين

آراء 2019/09/09
...

محمد عبد الجبار الشبوط
 
كما في كل عام، يقوم المسلمون الشيعة في العراق وغيره من البلدان الاسلامية باحياء ذكرى استشهاد الامام الحسين في ثورته الاصلاحية ضد يزيد بن معاوية الذي نصبه ابوه خليفةً للمسلمين بعده.
ونعرف ان الامام الحسين قام بثورته من اجل الاصلاح، وخاصة الاصلاح السياسي حسب الخبر الذي اورده العلامة المجلسي في كتاب "البحار":
 ثم دعا الحسين عليه السلام بدواة وبياض وكتب هذه الوصية لأخيه محمد: " بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمد المعروف يا بن الحنفية أن الحسين يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، جاء بالحق من عند الحق، وأن الجنة والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي علي."
يحتفل الناس بهذه المناسبة بطرق شتى، منها اللطم (ضرب الصدر براحة اليد) وضرب الراس بسكينة كبيرة (القامة) وغيرها مما يتجدد عنها الحديث كل عام، بين مؤيد لها وبين رافض. وليس يعنيني الحديث عما يقوم به الناس، لان اهتمامي بما لا يقومون به في هذه المناسبة. 
قبل اعوام، وفي اثناء رئاستي لها، اطلقت شبكة الاعلام العراقي حملة اعلامية لتشجير طريق الحسين وهو مجموعة الطرق التي يسلكها الزائرون مشيا على الاقدام من عدة مدن الى كربلاء. وشبكة الاعلام ليست وزارة الزراعة وليس من وظيفتها تشجير الطرق، لكن دورها تمثل في استنهاض الناس باسم الحسين للتطوع والمشاركة في تشجير هذه الطرق. وقد حصلت استجابة  شعبية فاقت التصور في التبرع بالشجيرات او في التطوع لزراعتها. وفعلا تمت زراعة الالاف من الشجيرات التي مازال الكثير منها موجودا. 
وقد برهنت هذه الممارسة على ان حب الحسين يشكل دافعا قويا للناس للقيام باعمال خيّرة تنفع البلاد والعباد. فمحبو الحسين مستعدون للقيام باي شيء من اجل اظهار حبهم له. وهم يجتهدون في هذه الاعمال او الشعائر التي يقومون بها، ويصيبون او يخطئون في هذه الممارسات، وقد يتعرضون للنقد من بعض الجهات او الثناء من جهات اخرى. 
اذا امكن اصلاح الممارسات غير الصحيحة كان بها، وان لم يمكن ذلك، فيمكن ان نترك الامر للزمن. لكن الاهم من ذلك ان تتم دعوة الناس انفسهم الى القيام بما لا يقومون به في هذه المناسبة بدون اشتراط ان يتركوا الممارسات التي قد يراها اخرون غير 
صحيحة.
ولهذا جعلت عنوان هذه المقالة "طريق لم يسلكه محبو الحسين" للاشارة الى وجود ممارسات اخرى يمكن ان يقوم بها هؤلاء الناس بهذه المناسبة اضافة الى ما يقومون به فعلا الان. وهنا قد تنفتح قائمة طويلة من الاعمال التي يمكن القيام بها. هذا هو الطريق الذي لم يسلكه محبو الحسين بعد.
ومن هذه الاعمال الاستمرار بتشجير طريق الحسين وجعله ملائما بدرجة اكثر لمسيرة الناس في زيارة الاربعين. بعد سنوات قليلة سوف تقع هذه الزيارة بين شهري تموز واب، اي في ذروة ارتفاع درجات الحرارة في صيف العراق اللاهب. ومن الممكن ان يصاب الكثير من المشاة بضربة الشمس او الجفاف او غير ذلك من الامور التي يسببها المشي الطويل تحت الشمس. قد يقول البعض ان الناس سوف يتركون المشي نهارا ويستأنفونه ليلا، لكن هذا لا يحل المشكلة لان ليل العراق صيفا حار ايضا. واذاً لابد من تأهيل الشارع ليلا او نهارا، ويتم هذا بالتشجير المكثف، وتوفير مصادر الماء كالنافورات، والمرافق الصحية المناسبة، ومحطات الاستراحة المبردة وغير ذلك. ومثل هذا العمل الجبار يجب ان يبدأ 
من الان.
وهذا مثال واحد لما يمكن القيام به في هذه المناسبة باستثمار الدافع الحسيني القوي عند الناس.