عالية طالب
في العام 1923 اجتمعت رغبات نساء مميزات ليفكرن بطرق فعلية للنهوض بواقع المرأة التي لمسن معاناتها في عديد ملفات شائكة اجتماعياً وقانونياً وتربوياً واقتصادياً، وتمخضت مناقشاتهن تأسيس تنظيم نسوي يقدم للمرأة ما يعمل على تمكينها فعلياً، ولم يفكرن وهن يخططن للأمر بمعونات مادية أو ميزانيات من جهات دولية بل أسهمن بمواردهن الخاصة في دعم العمل واستمراره، كن مجموعة ذات أسماء مشهود لها بالكثير من العطاء وضمت كلاً من: أسماء صدقي الزهــاوي.. شقيقة الشاعر جميل صدقي الزهاوي، والمعروف عنه مساندته لقضايا المرأة والدعوة الى تحررها من القيود التي تحد من خطواتها، وحسيبة جعفر، نعيمة سلطان حمودة، بولينا حسون رئيسة تحرير مجلة ليلى وهي أول مجلة متخصصة بشؤون المرأة، والسيدة نعيمة السعيد، فضلاً عن ماري عبد المسيح وزير، هذه التشكيلة عملت على دعم هوية المرأة وإثبات وجودها الفعلي وعملت على تثوير فعل التنوير وعدم القبول بالقوالب المجتمعيَّة الجاهزة والجامدة واتخذن مجموعة متبنيات للعمل والتي تمحورت حول ضرورة التثقيف الذاتي للمرأة والتعليم، لذا كرسن جهداً واضحاً في مجال الذوق المجتمعي العام والصحة والاقتصاد والطرق الحديثة في تربية الأطفال والاستفادة من الوقت والموازنة بين الأعمال المنزلية والخدمة المجتمعيَّة، ولم يكن من الداعيات الى التحرر غير الممنهج والبعيد عما تسنه الشرائع الإلهية والقوانين الاجتماعية، لأنهن اعتبرن هذه الدعوات من شأنها الإضرار بالمجتمع والأسرة وستعمل على التفكك الاجتماعي الرصين. وقد استطاعت تلك الجهود النبيلة أنْ تعمل على فتح دورات للقضاء على الأمية وايضاً تعليم النساء مهنة الخياطة والحياكة ودعمن النساء الوحيدات وفاقدات المعيل والأيتام بصورة
خاصة.
مقارنة بسيطة بين ما قدمه هذا النادي المؤسس لفكرة منظمات المجتمع المدني في العراق مع ما تفعله تجمعات نسوية مشابهة قدمت مشاريعها منذ التغيير السياسي في العراق 2003 وحتى الآن يدفعنا الى تحليل تلك المقارنة وتثبيت النسبة الإيجابية في تقديم مخرجات ملموسة عملت على تحسين واقع المرأة فعلياً سواء على مستوى تغيير القوانين والتعليمات أو على مستوى دعم النساء المعنفات والوحيدات أو العاطلات عن العمل أو من يعانين الاستغلال وغياب فرص تسلم المسؤوليات المهمة والقيادية والمشاركة في صنع القرار السياسي أو الاجتماعي.. هذه المقارنة ستؤشر لنا أنَّ أغلب هذه التشكيلات تبحث عن تمويلات لإدامة عملها من دون أنْ تعمل على تأسيس فكرة التبرع الشخصي لمؤسسيها، ولم تستطع أنْ تكون قوية إزاء ما يجري لواقع المرأة وإيصال صوتها الذي يعاني كثيراً من حالات الاستلاب الممنهج سواء على مستوى الأسرة أو العمل أو الشارع أو حتى تطبيق مبادئ الدستور في الأمور الرسمية ومعاملات السفر والمحرم والعمل والإعالة.
ليست المنظمات واجهة اجتماعيَّة لمن تنضم إليها بقدر ما هي مؤسسة لا بدَّ لها أنْ تعمل بقوة على تفتيت ملفات المرأة الشائكة والقضاء التدريجي على أزمات تستمر بالظهور بأشكال متعددة وأغلبها لا تقدم للمرأة الأمن الاجتماعي الحقيقي للانطلاق لإثبات الوجود مع الرجل في كل المجالات.