القانون واللا قانون في المعارضة

آراء 2019/09/15
...


عبدالله الجيزاني
 
لا يختلف اثنان على ان المعارضة الشائعة في العالم على نوعين هما :المعارضة السياسية للحكومة ومعارضة النظام السياسي والدولة.
 لغويا المعارضة السياسية : انتقاد حزب من الأَحزاب أَو فئة برلمانية، لاعمال الحكومة والتصدي لها، باظهار عيوبها بشكل سلمي وبالوسائل الدستورية القانونية. 
هذه المعارضة التي تمارس معارضة الحكومة فقط وتكون جزءا من النظام السياسي والدولة، لملاكاتها حق ادارة المناصب التي تختص بجسد الدولة او المناصب الثابتة، التي تعتمد اشتراطات قانون الخدمة المدنية في الترقيات والترفيعات، كذلك لملاكات المعارضة حق تولي ادارة المواقع المحلية، ففي كل محافظة او مقاطعة هناك سلطة تشريعية حدد الدستور صلاحياتها بما لايتعارض مع السلطات الاتحادية، ولها حكومة محلية تخضغ لاشراف ومتابعة السلطة التشريعية فيها، ولاتشترك مع الحكومة الاتحادية الا ضمن الوزارات الاتحادية السيادية كالدفاع والتعليم العالي والمالية والنفط والكهرباء، اما باقي الاختصاصات كالتربية والزراعة والصحة والشباب والعمل فهي من اختصاص الحكومة. هذا يعني ان المعارضة لايمكنها تولي المناصب الحكومية الاتحادية، التي ينتهي عمرها مع انتهاء عمر الدورة البرلمانية، بل ان بعض الدول تذهب ابعد في منح المعارضة قوة وقدرة بمنحها المناصب الرقابية في الحكومة كما في تركيا.
القول بان المعارضة لايجب ان تدير اي منصب في الدولة لايمت للنظام السياسي بصلة ولايصمد في نظام سياسي ديمقراطي، والذي لايمكن ان يطير ويحقق امنيات الشارع بدون وجود جناحي السلطة والمعارضة حيث يوازن احدهما الآخر، ولكل منهما دور اساسي تتم مراقبته من قبل المواطن، ليحدد اداءات كل طرف ويقيم على اساس هذه الاداءات، وبالتالي المعارضة اليوم قبل تصبح حكومة غدا والحكومة معارضة، حسب الاصوات التي يحصل عليها كل فريق بالاستناد الى تقييم وقناعة المواطن.
المعارضة السياسية احد اهم اسباب نجاح النظام السياسي، والحكومة حينما تلوم الحكومة بتنفيذ برنامجها الحكومي ومراقبة الاخطاء التي تقع فيها، بشكل علمي دقيق بعيدا عن فوضى الاعلام المعادي ومواقع التواصل الاجتماعي، التي يدار بعضها من اعداء النظام السياسي نفسه، بالتالي يفترض على الحكومة ان تمنح المعارضة مساحة واسعة تتحرك خلالها وتمنحها حق الاطلاع على الاوراق والاحصاءات الرسمية وتوفر لها الحماية القانونية.
النوع الثاني هو معارضة النظام السياسي الذي يختلف بشكل جذري عن معارضة الحكومة، فهي تعتبر معارضة غير شرعية وفق الدستور الذي يستند اليه النظام السياسي، مما يعرض من يمارس هكذا معارضة الى المساءلة القانونية لتهديدها النظام السياسي القائم.
عندما نعود الى ماقبل عام 2003 نجد ان ذاك النظام كان لايؤمن بالمعارضة مهما كان نوعها، فأما معه او ضده، وبالتالي اضطر الرافضون لممارساته الى سلوك طريق معارضة النظام السياسي برمته، وتم استخدام كل الوسائل المتاحة في مواجهته بما فيها السلاح. الان بعد انبثاق المعارضة السياسية الدستورية الوطنية البناءة، نجد ان هناك بارقة امل في خروج العراق من مأزق” الكل مشارك والكل معارض” بإتجاه نظام سياسي يدار بقطبين هما الحكومة والمعارضة وبالتالي تزال الغشاوة عن المواطن الذي امضى 16 عاما من دون ان يحدد،  المقصر من الفاشل من الفاسد.. مما خفض قاعدة النظام السياسي الجماهيرية الى مستويات مخيفة تهدد وجود النظام برمته.