موازنة 2020

اقتصادية 2019/09/19
...

د. باسم الابراهيمي
 
أثارت المعلومات الاولية عن الموازنة العامة الاتحادية للعام 2020 جدلا واسعا على الصعد السياسية والاقتصادية، لاسيما ما ترشّح منها حول العجز المتوقع والذي افترض رقما كبيرا، وهذا بالتاكيد سيكون اعلى عجز مخطط تضمنته موازنات العراق منذ بدايات اعدادها، إلّا أن الأمر لايقف عند قيمة الرقم بقدر ما يتعلق بدلالاته المتعلقة بموارد تسديد العجز واثره على مديونية العراق والقدرة على استدامتها، إذ أن ثلث العجز هو لسداد ديون العراق الحالية، فهل يمكن القبول بهذا الرقم من عجز الموازنة؟
الموازنة التي يجري اعدادها تبدو مختلفة عن سابقاتها اذ تحاول جهات الاعداد ان تنتقل من موازنة البنود التي جرى اعتمادها سابقا الى موازنة الاداء والبرامج، وهي شكل جديد لم يعتد عليه العراق سابقا، ففي الشكل الاول تكون الموازنة محاسبية اكثر من كونها اقتصادية، فهي تعتمد رؤى لمشاريع الوزارات المقدمة من الوحدات الدنيا الى الادارات العليا، اما الشكل الثاني (البرامج والاداء) فتتميز بكونها تعتمد اهدافا تحدد على مستوى الادارات العليا تتكامل فيما بين الوزارات والمؤسسات ومن ثم تقسم الى موازنات فرعية على مستوى الوحدات الادارية الاصغر التي تكلف بتنفيذ كلّ او جزء من
 البرنامج.
إنّ الانتقال الى الشكل الجديد من الموازنة أسهم في زيادة النفقات بشكل كبير لاسيما الاستثمارية منها في مسعى من الحكومة لتحقيق دفعة تنموية تسهم في انعاش الاقتصاد العراقي وبشكل محدد في القطاعات الحقيقية من غير النفط التي يمكن أن تسهم في تقليل ريعية الاقتصاد وابعاده عن مخاطر الصدمات الخارجية والاثار السلبية الناجمة عنها غالبا على مجرى الاداء الحكومي ومتطلبات انجاز المشاريع من حيث الاستقرار والانسيابية المطلوبة، وبالتالي هذا التوجه في زيادة حجم المشاريع المدرجة في الموازنة الاستثمارية وتضخم حجم العجز، ولكن السؤال الذي يهمنا هنا هو كيف يمكن ان تمول الحكومة هذا العجز مع افتراض بقاء الايرادات محصورة بشكل كبير بالعوائد النفطية ومحدداتها السعرية بعد ان حدد السعر بـ (53) دولارا للبرميل في الموازنة المقترحة وسقوف انتاج متحفظة تلتزم بتخفيضات اوبك للحفاظ على التوازن السعري، ووفقا لذلك اصبح التفكير بالاستدانة أمرا محفوفا بالمخاطر.