- 1 -
هالني ما قرأته لكاتبٍ اشتطَّ به الفهم فأبعده عن الصواب واسترسل مع نفسه في كلماتٍ مغموسةٍ بالتوجّع والتأسّف من دون حاجة الى ذلك على الإطلاق.
- 2 -
وكانت المسألة المطروحة مِنْ قِبَلِهِ هي مسألة الدعاء الذي ورد الحث عليه، ووردت صيغ مأثورة منه تواكب مسار الانسان وحركتَه اليومية من دخوله الحمام صباحاً حتى نومه في
الليل ...
- 3 -
وبعض هذه الأدعية يشتمل على فصول طويلة، ومقاطع متعددة، بينما بعضها الآخر لا يتسم بذلك
المهم:
انه قال – في لحظة غفلة وانفعال - :
{ حتى يجعلون (كذا) منك انسانا فاشلا ومتخلفا ومعقدا وضعوا لك في الموروث من التاريخ والدين :
عندما تدخل الحمام أقرأ هذا الدعاء
عندما تنام اقرأ هذا الدعاء
عندما تصحو (كذا) من نومك أقرأ هذا الدعاء
عندما تخرج اقرأ هذا الدعاء
وطبعا بعض الأدعية كالجوشن الكبير تستمر 4 ساعات حتى تنتهي، وبعضها 3 ساعات لتنتهي ..
ولا تقص أظافرك حتى تدعو بهذا الدعاء
لاتقص شعر رأسك الا بيوم كذا واقرأ كذا }
والسؤال الآن :
هل الاتصال بالله سبحانه، واستذكار قدرتِه ونعمتِه، واستدرارِ رحمتِه نعمةٌ أم نقمة ؟
اننا نعلم ان الله تعالى هو القائل :
“ اذكروني اذكركم “
وما الدعاء، وبجميع صيغه وجيزها ومفصلها – إلّا الذكر لله، والاتجاه الى الله بقلب صافٍ، ونيّة صادقة، هو من أفضل ما يمكن ان يصل اليه الانسان الرسالي، ذلك انه لم يُشْغَلْ بالفاني بل انشغل بالباقي، فأنعش روحه، وأرضى ضميره، وهذّب أخلاقه، وسعى أنْ يكون ملحوظاً بعين الله.
- 4 -
إنّ الاستهزاء والسخرية من أدعية الدخول الى الحمام وعند وقت المنام..
وما ذكره من شتى الأحوال، انما هي ترنيمة بائسة لمن عَجَزَ عَنْ فَهْم فلسفة الدعاء، وكونه من أهم العوامل في تعميق الصلة بالله، والمعيةُ مع الله كنز الكنوز.
إنّك حين تكون مع الله تكون في قمة الشعور بالقوة والاطمئنان فتبدد عنك شبح المخاوف، وتزيح عن طريقك ما يُعيقك عن مواصلة أشواطك الحياتية الايمانية العابقة بشذا الطاعة والمتطلعة الى مزيد من آلاء الله ونعمائِه
وبركاتِه.
ولا أدري كيف يجيز لنفسه الهجوم على أحاديث رسول الله (ص) وأهل بيته عليهم السلام التي لقنّت الناس تلك الصيغ من الأدعية؟
إنّها أقوال مأثورة، وعظات عظيمة، لا يمكن القبول بالتعامل معها بهذا الشكل الساخر السافر المتحرج الى القاع ...
- 5 -
والمهم جداً :
أن يعلم الكاتب الساخر الذي تجاوز في ما كتب الحدود ...
أن الإنسان بالخيار بيْن أنْ يدعو بالمأثور فيكسب الأجر والثواب، وبيْن أنْ لا يدعو بايٍّ من تلك الادعية فيغبن نفسه ويحرمها من عظيم المثوبات.
فهي ليست إلزامية حتمية، وهذا ما يجعل كلمات الساخر هباء منثوراً.