الدكتورة بسمة الأوقاتي: العلم والعمل والاجتهاد عناصر النجاح

اسرة ومجتمع 2019/09/24
...

عبد الكناني
عرفت الدكتورة بسمة خليل نامق الأوقاتي كناشطة مدنيّة في مجال حقوق الانسان وكداعية لمناصرة المرأة لاسيما في مجتمعاتنا العربية، إذ ترى انها لم تأخذ استحقاقاتها المشروعة ضمن الحياة العربية والعراقية، اذ مازال الامتهان والتعسّف يُلاحقانها، ومازالت تعاني العوز والعنف الاسري ولم تنصفها القوانين. فانخرطت في مجال العمل الاجتماعي والانساني من خلال منظمات وهيئات تبنّت قضية معاناة المرأة وبحثها عن حقوقها وفرصتها التي تليق بها كنصف المجتمع. قبل ان تكون استاذة لامعة في اختصاصها “العلوم السياسية بجامعة بغداد” حيث تدرس في كلية العلوم السياسية مواد “حقوق الانسان والديمقراطية ومبادئ العلاقات الدولية والدبلوماسية” فضلا عن عضويتها في لجنة مناقشة الدراسات العليا بالكلية. 
وتسلّمت مسؤولية وحدة العلاقات الثقافية وكذلك مديرة شعبة ضمان الجودة. علاوة على مسؤوليات عربية  ودولية منها “رئاسة قطاع البحث العلمي في الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة - فرع العراق” في اطار المجلس الاجتماعي والاقتصادي لجامعة الدول العربية. ومستشارة فريق التأمينات الاجتماعية. وعضوية شبكة اوهارد الدولية -هولندا. وعضوية شبكة النساء العراقيات. وتولت مسؤولية المدير الاداري والفني للمجلة العلمية. وشاركت في العديد من المؤتمرات والفعاليات التي تهتم بواقع المرأة الى جانب قضايا مهمة اخرى. 
 
التقاليد الذكوريَّة
تحدثنا معها عن جوانب أخرى من حياتها وآرائها وعملها في المنظمات المدنية ومجال مناصرة المرأة وحقوق الانسان ورؤيتها لبعض القضايا والمسائل التي تتعلق بالمرأة وحقوق الانسان كامرأة وإنسانة ومختصة.
• هل حصلت المرأة العراقية على جزء من حقوقها في بلادنا؟
- بالتأكيد المرأة لم تحصل على حقوقها كاملة لا في بلدنا ولا في منطقتنا؛ نتيجة لبعض الثقافات والعادات والتقاليد المنتشرة والتي لا تتناسب لا مع القيم الإنسانية والحضارية ولا مع الحداثة والتطور ولا مع القيم الدينية في أصلها وفي مقصدها النبيل الشريف، إذ ظلت الثقافات والعادات والتقاليد الذكورية في شكلها البدائي المتخلّف المرتكز على فروق القوة البدنيّة ودورها في المجتمعات البدائية تلقي بظلالها الثقيلة على مجتمعاتنا رغم كل المحاولات النهضوية التقدمية الحقيقية والجادة والشجاعة التي حاول البعض القيام بها، وسعى من خلالها الى إحداث تطور فعلي في افكارنا وثقافتنا وأسس حياتنا وفي مستقبلنا.
• أين تضعين استحقاقات المرأة العراقية قياسا لبلدان العالم؟
- لا شكّ أن التغيير الذي حدث في بلدنا في العام 2003 والمدخل والمسار الذي جرى عبره التغيير من خلال الغزو الأجنبي الخارجي وما سبق ذلك من حصار وما أعقبه من احتلال واسقاط للدولة وهياكلها ومؤسساتها ومن ثمّ العمل على إعادة بنائها وتشكيلها عبر مراحل وأساليب مضطربة معروفة، ثمّ ما تلا ذلك من تداعيات واحداث عنف وصراع ودخول للتنظيمات الإرهابية ذات الاجندات الكارثيّة على الخط، كلُّ ذلك احدث ارتدادا ونكوصا في واقع المرأة وحقوقها بالرغم من وجود اشراقات إيجابية عبر وضع التزامات دستورية وقانونية لحقوق المرأة وتنشيط مشاركتها في الشأن العام.. لقد ظلت المرأة مستبعدة عن مفاصل التخطيط والقرار الحيوية والمهمة، وظل الرجل منفردا بهذه الأمور فيما تراجع دور المرأة المجتمعي، إذ تزايد - وللأسف - الاعتداء عليها واستغلالها بشكل بشع ومازالت الى الان لم تفعل حقوقها ولم يجرِ عمل ثقافي توعوي لتغيير النظرة الاجتماعية المتخلّفة لها ولمكانتها ولدورها وهو المفصل الأهم في عملية تطوير واقعها ووضعها الحقوقي.
 
الهدف والمستقبل
• هل الارادة والعزيمة كافيتان لبناء الشخصية والوصول للمبتغى في الحياة لاسيما عند المرأة؟
-   عندما توضع في تحدٍ صعب ولديك الإرادة في تحقيق حلم فإنّ النتيجة بالتأكيد هي تحقيق حلمك. هناك سيدات او حتى شباب احيانا يواجهون ظروفاً صعبة جداً فيصيبهم الاحباط او اليأس.. ولكن عند النظر لكثير من الأشخاص الناجحين نكتشف ان نجاحهم لم يكن بين ليلة وضحاها وليس عبر اللعب او التذمّر او ايجاد وسائل التوسط.. وغيرها.. بل عبر العلم والاجتهاد فيه والبراعة في ذلك المجال، وايضاً عبر العمل، فأحياناً لا تتوفر لدينا القدرة او النظام التعليمي الجيد، عندها يمكننا الاجتهاد في مجال تجاري معين او تسويقي او حتى زراعي او صناعي مبتكر.. الهدف ان يكوّن لنا مستقبل واعد مليء بالأمل وتحقيق الذات، ومن دون شكّ فإنّ العوامل الذاتية عامل اساس في تحقيق الطموحات والامال مثل العزيمة والارادة القوية والتفاني.
• كيف تواجه الأسرة العراقية تحديات الانترنت ووسائل الميديا؟
- تقنيات الاتصال الحديثة والقفزات الهائلة التي حدثت في حقل المعلوماتية وفي توظيف الحاسبات وشبكاتها وما نشأ على أساس ذلك من فضاء الكتروني تشعّبت تطبيقاته بما يفوق حدود أي تصور يحاول استيعابها او تنظيمها وضبط امتدادها وتأثيراتها، لقد شكلت هذه التطورات تحديات متنوعة لجميع المجتمعات في العالم، ويكفي ان الولايات المتحدة مهد تطور هذه التقنيات ورائدتها وطليعة كل حديث وجديد فيها صارت تشتكي من توظيف الاخرين لها، لذلك فإن مجتمعاتنا معرضة بقوة لتحديات كبيرة ومتنوعة تفرضها هذه التقنيات الا ان الفوائد الجمة والمستقبل الذي تتملكه هذه التقنيات يجعلنا حذرين وباحثين عن الرشد والحكمة في تعاملنا مع هذه التقنيات وفي رد فعلنا على الجوانب السلبية لها، انخراطنا والمشاركة الإيجابية في بناء النافع والمفيد من محتويات ومضامين هذه التقنيات وايصاله الى شبابنا ليحل بديلا عن الضار وغير المفيد هو السبيل والرد المناسب على هذا التحدي.
 
القضايا الفرديَّة
•  هل من وسائل ترسخ القيم الاجتماعية بما يؤثر في تماسك الاسرة وألفتها؟
- تنظيم الوقت هو المدخل للحفاظ على العلاقات الاسرية ولتنمية العمل المجتمعي والعمل النافع والمفيد، إذ نما الوقت الفردي والقضايا الفردية في الوقت الحاضر في مقابل تراجع الوقت المخصص للعلاقة والعمل الاسري والمجتمعي .. كلما كنا ناجحين في تقسيم وتنظيم الوقت والحفاظ على عدالة توزيعه بين مختلف الاهتمامات كنا ناجحين في التصدي للفردية التي ننساق اليها وشره نفوسنا لها نتيجة عوامل عدة.
• ما السبل لاعداد ابناء متفوقين نافعين للبلاد والمجتمع والعائلة ؟
- لا شك هناك دور للاسرة ودور اخر للمجتمع في هذا الشأن ولكن وحيث ان الاسرة في المجتمعات الحديثة ونتيجة للتطورات والظروف الاقتصادية وظروف العمل وكذلك نتيجة تعقد العمليات التربوية وتطور اساليبها وتحولها الى عمل تخصصي عالي المستوى بما يتجاوز إمكانات وقدرات وخبرات الافراد كاولياء أمور وارباب أسر فإنّ دور المجتمعات والدول تعاظم في المجال التربوي خلال العقود الأخيرة والمستقبل يؤكد هذا المسار ومن يتخلف عنه فانه لا شكّ سيعاني الكثير في مستقبله مهما بذل من مجهود على المستوى الفردي، ان مجتمعنا ودولتنا بأمس الحاجة لتنشيط ادوارهم في العملية التربوية وعلى مختلف الجوانب والمستويات.