راكبو الموجة

آراء 2019/10/11
...

حمزة مصطفى
التظاهرات موجة بصرف النظر إن كانت ذات مطالب مشروعة أم لا. والتظاهر  حق بصرف النظر إن كان كفله الدستور أم لا. والشعارات المرفوعة بالتظاهرات حق وحمايتها حق ومواجهتها بخراطيم المياه والغاز المسيل للدموع هو الآخر حق إذا خرجت عن الحدود التي يكفلها النظام العام. والنظام العام هو الا تقطع شجرة أو حتى وردة من شجرة في حال كانت التظاهرة في متنزه الزوراء في بغداد أو الطرف الأغر في لندن أو الشانزلزيه في باريس.
متظاهرو باريس من جماعة السترات الصفر كانت مطالبهم مشروعة أيضا لكنهم  أعطوا صورة عن فرنسا أم الديمقراطية والحداثة والجمال والعطور الثمينة و”بالك بالك”لن تمحى عشرات السنين. لماذا؟ لأن المتظاهرين خرجوا عن “السلمية” التي ينادي بها حتى بنيامين نتنياهو في معركته ضد غانتس “مدري شسمه” من أجل تشكيل حكومة قمع الفلسطينيين متظاهرين أو”ماشين جنب الحيط”. 
إذن التظاهرات يمكن أن تخرج عن سلميتها أو حربيتها طالما تخضع للعقل الجمعي الذي لا يعرف أمي أم خالتي أم فيلسوف.  العقل الجمعي الذي تناوله غوستاف لوبون في كتابه “سايكولوجا الجماهير” في القرن التاسع عشر لايزال يعمل بكفاءة عالية في القرن الحادي والعشرين حتى بوجود تويتر وفي سبوك وإنستغرام.  
المشكلة في التظاهرات أيا كانت ومن أي بيئة انطلقت ولأي مدينة أو دولة انتمت هي حق طالما هي تعبير عن احتجاج لوجود مظالم أو تهميش وإقصاء طبقا للمصطلح الأثير عندنا. ولذلك فإن كل دساتير الدنيا في كل الأنظمة ديمقراطية أم استبداية تكفل حق التظاهر لأنه لايمكن تجاوز هذا الحق أو ربما لأنه مجرد “حجاية التنكال” مثلما يقال. المشكلة تكمن في راكبي موجة التظاهرات. وللراكبين أهداف ومرام  وغايات يسعون الى تحقيقها طالما أن التظاهرات موسم مثالي قد لا يتكرر الا بعد زمن قد يطول. 
وبالقياس الى كل التظاهرات التي خرجت في العراق منذ عام2011 والى اليوم لم يجر استغلال تظاهرة أو ركوب موجتها مثل تظاهرة تشرين الحالي. لا أريد التطرق الى نظرية المؤامرة أو من تولى قتل المتظاهرين والقوات الأمنية وماهي الأهداف الخفية للتظاهرات, ذلك أن أمورا مثل هذه هي شأن السلطات الرسمية وهي المطالبة بكشف كل الملابسات. مايهمني تحديدا هو ركوب الموجة من قبل سياسيين ونخب وناشطين لأسباب مختلفة وأحيانا متقاطعة. فهناك من حاول إرضاء أطراف على حساب أطراف أخرى فوجدها فرصة لاتعوض.وهناك من أراد تصفية حسابات شخصية مع هذا السياسي أو الزعيم أو ذاك فوجد أن التظاهرات هي الفرصة التي لاتتكرر لقول في خصمه مالم يقله مالك في الخمرة. وهناك من حاول التشكيك بكل شيء لا لشيء إلا لكي يلفت انتباه أحد أو جهة يمكن أن تقدم له عرضا في مجال التعبير عن الرأي قبولا أم ممانعة. وفي كل الأحوال فإن المتظاهرين السلميين لا علاقة لهم بكل هذا الاستثمار أيا كانت أهدافه. خروجهم كان بريئا من أجل مطالب مشروعة بدأت حملة أخرى للتشكيك في إمكانية تحقيقها لأن بعضها غير دستوري أو أنها مخالفة للمادة كذا من قانون كيت علما إنه لا يعترف لا بقانون ولا دستور ولا ..كذا ولا كيت.