إمكانية تقليل تلف الأنسجة الناجم عن نوبة قلبيَّة بنسبة 30 بالمئة

من القضاء 2019/11/03
...

 ترجمة: نادية المختار 

اكتشف علماء في جامعة جنيف وجامعة ليون الفرنسية أن تخليق الدهون يثير التنخر. اذ تتراكم هذه الشحوم في غياب الأوكسجين وتمنع عمل الوظائف الخلوية. وعن طريق تثبيط تخليقها تحدث النوبة القلبية، وفقا لتجارب علمية أجريت على فئران مختبرية تمكن علماء الأحياء من تقليل تلف الأنسجة بنسبة 30 بالمئة. 
وتعتبر حالات النوبات القلبية والسكتات الدماغية الأسباب الرئيسة للوفيات في جميع أنحاء العالم. فعندما تتشكل الجلطة الدموية فأنها تمنع وظيفة الأوعية الدموية والدورة الدموية من القيام بمسيرتها. اذ لن تتلقى الأنسجة الدموية القدرة على المرور بسبب عدم وصول الأوكسجين وبذلك تخضع بسرعة للتنخر والتثقب، وبذلك لا يمكن التعافي منها.  
ويتساءل البروفيسور هوارد ريزمان، الأستاذ في قسم الكيمياء الحيوية بجامعة جنيف، عن سبب التنخر في ظل هذه الظروف. اذ ليست كل الحيوانات حساسة للغاية لغياب الأوكسجين. فالديدان يمكن أن تعيش ثلاثة أيام بدون أوكسجين. وبعض السلاحف يمكن أن تعيش عدة أشهر بدونه، وبعض البكتيريا يمكنها البقاء بدونه الى أجل غير مسمى. ويقول عن ذلك: “لهذا السبب سعينا لايجاد الصلة بين نقص الأوكسجين وتنخر الأنسجة في الثدييات.”
 
الدهون التي تمنع الوظيفة الخلويّة الطبيعيَّة
رأى الباحثون أنه في الديدان، هناك نوع معين من الأنسجة الخلوية البالغة الدقة يطلق عليها تسمية السيراميد، وهو ديوكسي هيدروكسيراميد، المتراكم الى مستويات خطيرة تحت الأوكسجين تستحث عندما تكون الأنسجة محرومة تماما من الأوكسجين. 
الكيمياء الحيوية:”تعتبر السيراميد من الدهون  الضرورية للغاية للجسم. وبدونها، فأن العديد من الوظائف الأساسية ستكون معيبة. على سبيل المثال، ستجف بشرتنا تماما. ومع ذلك، عند احتشاء القلب، يزيد تخليق الديوكسي هيدرو سيراميد ويصبح ساما للخلايا. وباستخدام مقياس الطيف الكتلي، لاحظنا أن هذا السيراميد يحجب بعض مجمعات البروتين ويثير عيوبا في الهيكل الخلوي للخلايا والوظيفة المناسبة للميتوكوندريا، مما يسبب نخر الأنسجة.” 
وللتأكيد على أن ديوكسي هيدرو سيراميد مسؤول بالفعل عن نخر الأنسجة، أدخل الفريق البحثي طفرة بشرية تسبب مرضا نادرا في الديدان من النوع الأول لكي تصبح الديدان شديدة الحساسية لنقص الأوكسجين مما يؤكد اكتشافها للديوكسي هيدرو سيراميد.  
 
تأثير الاحتشاء على الأنسجة المصابة
بناء على النتائج التي حصل عليها الكيميائيون، قام الدكتور ميشيل اولفيز وفريقه، بأعطاء حقن مثبطة لتوليف السيراميد في الفئران قبل احتشاء القلب. ووجدوا أن الفئران التي تلقت الحقن حصل لها تنخر الأنسجة بنسبة 30 بالمئة مقارنةً مع الفئران المتحكم فيها التي تلقت حقنة مانعة التنخر. 
يقول ريزمان: “هذا التخفيض مثير للاعجاب. ويسعدنا كثيرا أن هذا العمل يفتح  لنا وجهات نظرعلاجية جديدة للمرضى الذين يعانون من تشوهات الأوعية الدموية. كما أن هذا الاكتشاف يمكن أن يمهد لنا الطريق لتحقيق تقدم كبير في تطوير علاجات النوبات القلبية والسكتة الدماغية. فالنتائج التي تم الحصول عليها من التجارب على الفئران مشجعة للغاية، اذ ان مثبط تخليق السيراميد مادة معروفة تم اختبارها في النماذج الحيوانية. وعلى الرغم من ذلك، يمنع هذا الجزيء تخليق جميع السيراميد. وهذا هو السبب في أن الباحثين يعملون الآن على مثبط يستهدف بشكل أكثر تحديدا، ديوكسي ديرو هيدرو سيراميد- الذي من المحتمل أن يكون له آثار جانبية أقل ويحافظ على وظائف الجسم الطبيعية للسيراميد. 
وتصيب النوبات القلبية 750 ألف شخص سنويا في الولايات المتحدة، وفقا لجمعية القلب الأمريكية. ويعاني أكثر من 5 ملايين شخص من قصور القلب، مع ظهور أعراض تتطور من التعب وضيق التنفس الى الوفاة.
يقول البروفسور جاسون بورديك، استاذ الأمراض القلبية في جامعة بنسلفانيا: “يعد قصور القلب مشكلة كبيرة، وهناك عدد قليل من العلاجات المتاحة لهؤلاء المرضى. تشمل العلاجات تغيرات نمط الحياة، الأدوية، أو استزراع القلب. كما أن هذه الخيارات لا تعمل جيدا في كثير من الأحيان أو يصعب الوصول اليها في حالة عمليات الزرع. 
وأجرى باحثون في مؤسسات أخرى دراسات حيوانية قاموا فيها بحقن خلايا في القسم التالف من القلب لمحاولة اصلاح التلف ولمنع الخلايا من التسرب. وقاموا بدمج حقن الهيدروجيل وهي مواد هلامية قابلة للتحلل الحيوي- عبر شبكات منتفخة بالمياه من سلاسل البوليمرات بتناسق مماثل للشبكة.  
لكن العلماء لاحظوا شيئا غريبا عندما أجروا تجارب تحكم قاموا فيها بحقن الهيدروجيل بدون خلايا اضافية، اذ وجدوا أن بعض قلوب الحيوانات لا تزال تظهر تحسنا مقارنة بالحيوانات غير المعالجة. 
يقول بودريك: “بناء على هذه النتائج، تقوم الآن مجموعة من المعامل بتجربة علاجات الهيدروجيل، بما في ذلك مادتان في التجارب السريرية. ومن المهم أن نستمر في المضي قدما لمعرفة كيف يمكن استخدام هذا العلاج، لأنه يختلف عن أي علاج حالي. وبالأضافة الى ذلك، يمكن أن تتناسب أنواع مختلفة من الهلاميات المائية مع احتياجات المرضى المختلفة. اذ تتطلب بعض علاجات الأزمات القلبية التجريبية اجراء عملية جراحية لفتح الصدر، ولكن يتم حقن مادتي الهيدروجيل الموجودتين بالفعل في التجارب السريرية في الأنسجة التالفة من خلال قسطرة طويلة حيث يتم ادخالها عبر الجلد- مما يلغي الحاجة الى اجراء جراحة في الصدر المفتوح.”
 
عن ساينس ديلي