من الإسلاميّة الإحيائيّة ثم الإصلاحيّة الى الراديكاليّة العدميَّة

بانوراما 2019/11/04
...

 
 
 
الكتاب : الأصولية الإسلامية : حركات الإحياء والإصلاح والتطرف
 
المؤلف: يوسف الشويري
ترجمة: عمرو بسيوني
 
مراجعة: مركز دراسات الوحدة العربية
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت
 
إن مصطلح الأصولية الإسلامية تسمية ملتبسة إذجرت استعارتها من الادبيات  الغربية الدينية المعاصرة، اي  من علماء الاجتماع الدينيين الأميركيين للإشارة إلى المسيحيين الذين آمنوا بالتفسير الحرفي للإنجيل، ومن ثم، لا يمكن استخدام سياقها الأصلي في العالم الاسلامي بدون تحديد مجالها الاصطلاحي كما يقول الباحث في مقدمة الكتاب
 
 
 
الاصولية تعبير غامض 
الأصولية الإسلامية : حركات الإحياء والإصلاح والتطرف للباحث يوسف الشويري يقدم قراءة جديدة لظاهرة الحركات الإسلامية الحديثة والمعاصرة، ويحاول تبيان مدى صحة تمثيل هذه الحركات للإسلام في جذوره وبدايات
 نشوئه.
 وهو يقوم بذلك انطلاقاً من التقاط السياق السياسي ومن ثم البعد التاريخي لكل منهما. لذلك كان لا بد من إجراء مقارنة معمقة بين الإسلام في منعطفاته المتنوعة، فهو يرى ان (الأصولية الإسلامية) تعبير غامض، شاع استعماله لوصف العقيدة الجهادية  للحركات الإسلامية المعاصرة. 
غير أن استعمالها من قبل الباحث يوسف الشويري(يشير إلى منظومات فكرية وحركات سياسية إسلامية برزت في القرن الثامن عشر في بعض بلدان المنطقة العربية عموماً وفي بلدان آسيوية وافريقية مثل إندونيسيا والهند ونيجيريا )
 
السياسي والديني 
الباحث يرى ان مصطلح الأصولية الإسلامية حاليا ينطبق على نوعين مختلفين من الحركات : النوع الأول هو ديني بالأساس، ينادي باستعادة أساسيات وأصوليات العقيدة ، مثل علماء الدين في شبه الجزيرة العربية الذين دعوا إلى تطبيق مبادئ الشريعة ، أما النوع الآخر فهو سياسي عنيف مثل الإخوان المسلمين في مصر، بهدف معلن هو إحداث ثورة 
سياسية .
الدراسة تحاول تبيين مدى صحة تمثيل هذه الحركات للإسلام في جذوره وبدايات نشوئه، وذلك انطلاقاً من التقاط السياق السياسي ومن ثم البعد التاريخي لكل منهما. وعليه، تجري الدراسة مقارنة معمقة بين الإسلام في منعطفاته المتنوعة وهذه الحركات التي تنسب كل ما تؤمن به أو تفعله إلى الإرهاصات 
الأولى للدعوة.
 
الإحيائية وتكويناتها 
الباحث يوسف الشويري، قسم الحركات الإسلامية التي نشأت في العصر الحديث إلى ثلاثة تيارات أو مدارس، تتمايز عبر كل الأصعدة الثقافية والفقهية والسياسية، وربما الأهم عبر اختلاف قواعدها الاجتماعية. وتأتي (الحركة الإسلامية الإحيائية أول هذه التيارات، وهي قبلية التكوين في معظمها، تؤكد قبائليتها القدرة الذاتية للإسلام ليجدد نفسه من دون الالتفات إلى نظم أو تجارب أخرى). ويأتي توحيد الله، والمهدوية أو التجديد والجهاد، في مقدمة مفاهيمها الفاعلة، بينما تمثل الهجرة المتبوعة بالجهاد أبرز أساليب الصراع لديها. ولعل الوهابية كانت أبرزها. وكما يرى الباحث تكمن العوامل الرئيسة في صعود حركة الإحياء الإسلامي، في التشوهات التي يسببها الانخراط القسرى والمتأخر لمجتمعات بعينها في نمط الإنتاج الرأسمالي. إذ تؤدي صيرورة التطور الرأسمالي والتحولات التي تلحق بالعلاقات الإنتاجية والاجتماعية السائدة على تغيرات عنيفة في البناء الطبقي لتلك المجتمعات ؛ فتظهر طبقات وشرائح اجتماعية جديدة تعتلي قمة الهرم الطبقي على حساب الشرائح التقليدية. بينما يؤدي تفكيك العلاقات الإنتاجية التقليدية في الريف إلى إفقار قطاعات واسعة من البرجوازية الصغيرة. 
 
 
الإصلاحية الإسلامية
وقد حلت محل الإحيائية الإسلامية بعد فشلها، الإصلاحية الإسلامية في القرن التاسع عشر. وكانت عكس الأولى منفتحة إلى حد بعيد على ما استجد وأثبت جدواه في مجتمعات وثقافات مغايرة. وقادتها مجموعات من سكان المدن، بخاصة تلك التي تعمل في مؤسسات دولها. ولعل حركة التنظيمات العثمانية ومدرسة الأفغاني – عبده هما أبرز من مثّلها. وتأتي الشورى، السلفية، الوطنية، رفض اسلام القرون الوسطى، والإسلام كمدونة للقوانين النموذجية الحديثة، في صلب مفاعيلها الفاعلة. ويمثل التعليم، نشر المعرفة، وإصلاح مؤسسات الدولة، أبرز أساليبها للصراع.النزوع نحو التجديد في الدين والفكر واللغة، أي أنه يجمع بين التمسك بالثوابت والأصول، مع ترك مساحة للمتغيرات بحيث تستوعب الواقع  المعاصر. كان هذا المشروع يسعى إلى نشر مجموعة واسعة من المعرفة الإسلامية التي كانت قد تراكمت في سياقات مختلفة ،إذ قدم علي عبد الرزاق الذي كتب (الإسلام وأصول الحكم) دعوته في كتابة الفصل
 بين الإسلام والدولة.
 
الراديكالية العدمية 
ثم تجليات الحركات الاسلامية الاخيرة (الراديكالية الإسلامية بكل أطيافها المعاصرة والراهنة. وتتبناها قطاعات من الحرفيين والموظفين الصغار أو شرائح من أبناء الريف الذين استقروا حديثاً في المدن بحثا عن عمل أو هربا من عالم قاتم . ولعل تنظيم «القاعدة» كان من أبرز التيارات التي مثلت الراديكالية الإسلامية وكانت الأكثر تأثيراً في تاريخ  الشرق الأوسط الحديث منذ الثمانينيات حتى بروز عصابات داعش الاجرامية والنصرة، وعشرات المنظمات الأخرى التي تكاثرت عقب مرحلة الربيع العربي. الباحث يرى  أن داعش وأخواتها لا تضيف بعداً كيفياً أو نوعياً للملامح الرئيسية للراديكالية الإسلامية التي يعرض لمفاهيمها الفاعلة وأبرزها: حاكمية الله، الطليعة، الأسرة والجاهلية. وتعد المفاصلة والجهاد أبرز أساليبها للصراع.الكتاب كما يقول الباحث في طبعته الإنكليزية يعتمد في البرامج الدراسية فيالعالمومرجعاً أساسيا في الدراسات التي تتناول تاريخ الحركات الإسلامية الحديثة وتكوينها ومنظومتها
 الفكرية.