إياد مهدي عباس
لن نجانب الحقيقة اذا ما قلنا بأنّ شريحة الشباب في العراق هي المتضرر الأول من فشل الطبقة السياسية في العراق خلال السنوات الاخيرة بسبب تفشي الفساد المالي والإداري، إذ لم تكن مشاكل الشباب كالبطالة والهجرة وترك التعليم والانجراف مع الإرهاب بمعزل عن الاداء الاقتصادي الفاشل في العراق والذي قادته حكومات المحاصصة التي تقاسمت المغانم فيما بينها وتركت المواطنين بصورة عامة والشباب بصورة خاصة يبحثون عن حقوقهم الضائعة طيلة سنوات التجربة العراقية
بعد 2003.
وتأكيداً لما سبق نجد أنّ الشباب هم الشريحة الأكبر التي تشارك التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها بغداد وعدد كبير من المحافظات العراقية بل كانت هي المحرّك والقائد لها، وان معظم المطالب تتعلق باسترجاع حقوقهم المسلوبة، إذ تمّ إبعادهم عن أداء دورهم الحقيقي والريادي في إدارة شؤون الدولة بينما نتابع بالمقابل اهتمام الدول المتقدمة بشريحة الشباب بوصفها قوة اجتماعية هائلة لما تمتلكه من حماس فكري وطاقة كبيرة، فالشباب هم العصب والقوة الفاعلة في تطوير المجتمعات، ولهذا نجد ان الدول الديمقراطية نجحت في تسخير هذه الشريحة وإعطائها دورا فاعلا في بناء حاضرها
ومستقبلها.
اما في العراق فلقد أسهمت الكثير من العوامل في إبعاد الشباب عن دورهم في بناء المجتمع والدولة، فيمكن ان يلاحظ المتابع للشأن العراقي غياب نسبة مهمة منهم عن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومن أهم اسباب ابتعاد الشباب عن دورهم الحقيقي هو الاليات الخاطئة في تسلم المسؤوليات في مؤسسات الدولة فضلا عن غياب الستراتيجيات الاقتصادية التي تسهم في إنجاح التنمية الاقتصادية الشاملة والبقاء على الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على النفط كمورد وحيد لرفد الموازنة العراقية وتهميش دور الصناعة والزراعة والسياحة وقطاعات أخرى مهمة بما يضر بمصير الشباب وضياع فرص العمل فأصبحوا يبحثون عنها في دول أخرى بعيدا عن وطنهم.
ولهذا أصبحنا أمام ظاهرة سلبية أخذت بالتزايد لتصبح خطرا يهدد مستقبل الشباب العراقي وهي من تداعيات الفساد المالي والإداري وفشل النظام السياسي في بناء دولة المؤسسات التي كان من المفترض ان تضمن العيش الكريم لهؤلاء الشباب وتوفر لهم فرص عمل لاستيعاب طاقاتهم العلمية. ولا بدّ من الإشارة هنا ان شريحة الشباب هي الشريحة الأكثر فاعلية في المجتمعات بوصفها قوة مجتمعية قادرة على التفاعل مع الممارسات والمفاهيم الديمقراطية والإنسانية الحديثة.
ولم يكن الشباب بعيدا عن الهجمة الإرهابية التي تعرض لها العراق بل كان المستهدف الأول من خلال محاولة الأجندات الطائفية تجنيد الشباب ليكونوا في صف الإرهاب التكفيري ضد مشروع بناء الإنسان وبناء الدولة الحديثة في العراق. ومن اجل تضييق الهوة بين الشباب والدولة لا بدّ أن نكون أمام مبادرات وإجراءات حكومية سريعة لدعم الشباب من اجل تحسين واقعه الحالي ومنحه الدور الحقيقي الذي يستحق في صناعة القرار والمشاركة في الأحداث المهمة والمصيرية التي يمر بها العراق ومن اجل تعزيز ثقافة حب الوطن والتمسك به والدفاع عنه.