التغيير يبدأ بموقف

آراء 2019/11/27
...

ميادة سفر
 
ليثبتن أنّ من تهزُّ السرير لطفلها، بإمكانها أن تشارك في إحداث التغيير، وأن تكسر حاجز الخوف والمنع والتردد، وتخترق تلك الصورة النمطية التي تلبست بالنساء عقوداً طويلة، والمتمثلة بالصمت والانتظار في المنازل والجلوس أمام التلفاز لمعرفة ما يحدث في الخارج، فقد خرجن اليوم ليقلن كلمتهن وتصدح أصواتهن لا لينام أطفالهن بل ليستيقظ الوطن، يغنين لا أثناء الطبخ وتنظيف المنزل لإضاعة الوقت، بل ليملأن الوقت بحضورهن ويثبتن وجودهن ويتخذن موقفاً من كل ما 
يحدث.
لفتت المشاركة النسائية في التظاهرات التي عمت بعض الدول انتباه واهتمام الكثيرين، حتى تحولت بعض النساء لأيقونة للثورة أو الحراك أو سواه، لأنها أكثر من تعرضت للاعتداء والحرمان والتعذيب، اغتصبت وشردت ويتمت وترملت ووو.. إلخ، وجدت المرأة أنه آن الأوان لاتخاذ الموقف والنطق بالكلمة التي ستحدث التغيير، فكان وجود المرأة في الشوارع التي كانت تخيفها والساحات التي ترهبها، مدعاة للفخر من قبل الكثيرين، ورفض من قسم آخر أرادها أن تبقى في قوقعتها لا تعي ولا تفقه شيئاً، يرسم لها حاضرها ومستقبلها وفقاً لأهوائه ورغباته 
وذكوريته.
لا يخفى على أحد محاولات البعض الكثيرة لتشويه هذا الحضور النسوي، بتعليقات على ملابسهن وكلامهن أو غير ذلك، حتى وصل الأمر بالبعض حد التنمر على كثيرات من المشاركات، لكن ذلك لم يثن المرأة التي بدأت تعي وتدرك أهمية صوتها ووجودها، يبدو أنّ المرأة لا سيما في بلداننا العربية بدأت تخرج رويداً رويداً من عباءة المجتمع التي فرض عليها طوقاً أمنياً متشدداً، وهي اليوم لم تخرج مطالبة بحقوقها فحسب، بل لحقوق الجميع رجالاً ونساءً.
أن تعي قلة من النساء أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبنه، هي خطوة في مشوار الألف ميل، وبداية لتغيير في وضع المرأة ومكانتها وأهميتها، فعلى الرغم من وصول كثيرات إلى مستويات عليا من التعليم وتبوأ البعض منهن لمناصب عليا ومختلفة، إلا أنهن كن بعيدات كل البعد عن المشاركة في تقرير مصير البلاد، بل كن أبعد عن تقرير مصيرهن الشخصي من زواج وطلاق وإنجاب وسفر وتعليم، أما اليوم فلم يعد صوت المرأة عورة، ولم يعد ممنوعاً عليها أن ترفعه في وجه الظلم والاضطهاد.
إنّ التغيير يبدأ بموقف نتخذه رغماً عن كل ما هو سائد من حولنا، ورغماً عن كل ما ورثّ لنا من محرمات وممنوعات ومسموحات، وإلا ستبقى العجلة تدور في مكانها لتطحن ما تبقى من إنسانيتنا، طوبى لنساء قلن كلمتهن غير خائفات ولا 
مترددات.