مايك بنس {يتبنبس علينا}

آراء 2019/11/27
...

حمزة مصطفى
 
في التاسع من نيسان عام 2003 أكمل الأميركان احتلالهم العراق، الذي سُمّي في البداية تحرير. هذا التحرير لم يستمر ربما أقل من شهر حين قرر الأميركان أنّهم قوة احتلال. 
وقعت الواقعة التي تعني هنا أن قوى المعارضة للنظام السابق "إنضربت بوري". المحرر تحول الى محتل، ونصّب حاكما مدنيا، بول بريمر الذي يعرفه السادة أعضاء مجلس الحكم الـ 25 من رحل منهم ومن بقي. وحين أقول السادة أعضاء مجلس الحكم فقط لأنّ أيّا منهم لم يستطع الرد على ماكتبه عنهم وبحقهم في كتابه 
المعروف.
بعد 16 عاما من التحرير الاحتلالي أو الاحتلال التحريري جاء نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الى "عين الأسد" تحديدا في العراق. الزيارة هدفها شكر جنوده لمناسبة عيد الشكر. 
لا أريد التطرق الى الملابسات التي رافقتها والتي تشبه تلك التي رافقت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الى القاعدة وللمناسبة ذاتها، لكن ما أود التطرق اليه هنا أنّه في الوقت الذي تخرج فيه تظاهرات كبيرة في البلاد مطالبة بالحقوق المشروعة التي أقلها بناء وطن خال من المحاصصة التي زرعها الأميركان يخرج يُعيّرنا بنس أنّ الأميركان أصحاب فضل علينا بحيث عيّرنا مرتين.
يقول بنس إنّنا ـ الأميركان ـ خلصناكم من  الدكتاتورية وجئناكم بالديمقراطية وطردنا لكم داعش. يقول هذا الكلام "والدنيا مكلوبة" في البلاد في أكبر احتجاج من نوعه يرفض كل مخرجات الاحتلال منذ 16 عاما. لنأتِ الى النقاط واحدة 
واحدة. 
حين احتل الأميركان العراق كانت الحجة هي أسلحة الدمار الشامل. 
وحين لم يجدوها برروا احتلالهم بأنه خلاص من النظام السابق والدكتاتورية. صحيح أن الخلاص من النظام السابق كان هو الهدف الرئيس لقوى المعارضة لكن الأميركان كانت لهم أهدافهم الأخرى التي كانت قضية أسلحة الدمار الشامل مجرد ذريعة لها وهي ضمان أمن إسرائيل.
المحصلة إنّهم نجحوا في هذا المخطط نجاحا كبيرا، وهو ماجعلهم يعلنون أنفسهم محتلين لا فاتحين فخدعوا قوى المعارضة وأمعنوا في تهشيم الوطن الذي حوّلوه الى مكوّنات على أسس عرقية ودينية 
ومذهبية. 
واليوم حيث ينتفض العراقيون بالضد من الخرائط التي رسمها الأميركان وقسّموا العراقيين بموجبها يأتي بنس ليقول إنّهم جلبوا لنا الديمقراطية التي تحولت الى مجرد انتخابات فاشلة بامتياز على مدى أربع دورات برلمانية، وإنّهم طردوا داعش متناسين التضحيات التي قدمها العراقيون من أجل تحقيق هذا الهدف عبر قواتهم الأمنية بمختلف صنوفها جيشا وحشدا شعبيا وبيشمركة وشرطة وحشود 
عشائرية.
وإذا كان للأميركان دور في محاربة داعش فإنّه ضمن تحالف دولي شاركت فيه أكثر من 60 دولة، وحتى بافتراض أنّهم القوة الأكبر في هذا التحالف وهو أمر لايمكن نكرانه فإنّ هذا لايبرر استمرارهم في استخدام لغة متعالية وأحيانا إملائيّة أو غير دبلوماسية مثلما فعل بنس الذي لم يكتفِ بزيارة جنوده بل "تبنبنس 
علينا".