توصلت دراسة بحثية حديثة، أجراها خبراء وباحثون من جامعة مشيغان الطبية، الى أن هناك دلائل جديدة تشير الى دور رئيس لعامل جيني يطلق عليه اختصارا تسمية . VGLL3
فهذا العامل تزيد نسبة وجوده عند خلايا جلد النساء، عما هو موجود لدى خلايا الجلد عند الرجال، بالاستناد على الأبحاث السابقة التي أظهرت وجوده بنسبة عالية في خلايا جلد النساء عما هو الحال عليه في خلايا الجلد لدى الرجال.
ومن خلال تجارب على مجموعة من الفئران المختبرية، لوحظ وجوده أكثر في خلايا جلد الفئران الاناث، مما يدفع الجهاز المناعي الى زيادة مفرطة فيه ومؤديا الى استجابة مناعية ذاتية وأعراض مشابهة لمرض الذئبة الجلدي أكثر بنسبة تسع مرات.
وقد اتضح أن جزءا من الاجابة يكمن في خلايا الجلد، حيث يدفع الجهاز المناعي الى زيادة مفرطة، مما يؤدي الى استجابة ذاتية المناعة “ذاتية الهجوم”. والمثير للدهشة أن هذه الاستجابة تمتد الى ما وراء الجلد، وتهاجم الأعضاء الداخلية أيضا.
ويصف الفريق كيف تنطلق سلسلة من الأحداث في الجلد التي تؤدي الى البدء بتشغيل نظام المناعة حتى عندما لا يوجد شيء للدفاع عنه.
ينظم جينات الاستجابة المناعية التي شاركت في أهميتها بالنسبة لأمراض المناعة الذاتية الأكثر شيوعا بين النساء، لكن يبدو أن هذه الهرمونات الجنسية لا تنظمها.
يقول البروفيسور لي غابرييل، أستاذ الأمراض الجلدية في جامعة مشيغان: “ لقد
أظهرنا أن جلد الفئران المعدلة وراثيا تكفي ذاتيا للدفع الى حد بعيد النمط الظاهري الذي يشبه مرض الذئبة الجهازية، بما في ذلك، الطفح الجلدي، واصابة الكلى.”
تغير التعبير الجيني
قام البروفيسور جودجسون مع الدكتور ولسون بيلي، والدكتور غاري كارمان، لتتبع الآثار الزائدة في خلايا الجلد التي غيرت المستويات لعدد من الجينات المهمة لجهاز المناعة الذاتية. ووجدوا انه يتم تغيير التعبيرعن العديد من الجينات نفسها في أمراض المناعة الذاتية مثل مرض الذئبة الجلدي، ومرض الكلى المدمر في الفئران. اذ ان الجلد يصبح متقشرا وخاما. كما تكثر الخلايا المناعية وتملأ الجلد والعقد الليمفاوية.
ويتم تغير التعبير الجيني الناجم عن ذلك. وتنتج الفئران أيضا أجساما مضادة ضد أنسجتها، بما في ذلك نفس الأجسام المضادة التي يمكنها تدمير كليتي مرضى
الذئبة.
و لا يعرف الباحثون حتى الآن الأسباب التي تجعل خلايا الجلد الأنثوية تحتوي على مزيد منها. فقد يكون على مر الزمن التطوري، حينما طورت الاناث أنظمة مناعة أقوى لمحاربة العدوى- ولكن على حساب زيادة مخاطر الاصابة بأمراض المناعة الذاتية فيما اذا أخطأ الجسم في غزو نفسه.
و لا يعرف الباحثون أيضا العوامل التي قد تثير نشاطه الذي يظهر عند الرجال، لكنهم يعلمون أنه عند الرجال المصابين بمرض الذئبة، فأنه يتم تنشيط نفس المسار لدى النساء المصابات بهذا المرض.
العديد من العلاجات الحالية لمرض الذئبة، مثل المنشطات، تأتي مع آثار جانبية غير مرغوب فيها من زيادة مخاطر الاصابة بالسرطان. وقد يؤدي العثور على العوامل الرئيسة في هذا الاتجاه الى تحديد أهداف للعلاجات الجديدة التي قد تكون أكثر أمانا وتفيد المرضى من كلا الجنسين.
ويمكن أن يسبب مرض الذئبة الذي يصيب ما يقارب 1.5 مليون أميركي، أعراضا مدمرة، والعلاج الحالي واسع القاعدة بالستيرويدات الذي يمكن أن يجعل المرضى أكثر عرضة للعدوى والسرطان.
وجود توازن
يقول الدكتور دومينيز آندريس، استاذ أمراض المناعة المكتسبة: “يبدو ان هناك توازنا. فالبشر يتطورون لبناء الدفاعات ضد الامراض، ولكننا لسنا قادرين على وقف المرض من الحدوث. وبالتالي فان الفائدة التي نحصل عليها تجعلنا أكثر حساسية للامراض الجديدة. فاليوم، نحن نعاني أو نستفيد من الدفاعات التي بنيت في الحمض النووي لدينا من قبل الجهاز المناعي لأسلافنا الذين يحاربون العدوى أو يعتادون على أنماط حياه جديده وطبائع ايكولوجيه التي يمكن ان تختلف حقا وتؤثر في الاستجابات المناعية. لذا، يجب القيام بالمزيد من العمل. كما أن التقنيات الحديثة يمكن أن تكشف أيضا كيف تتطور أجهزه المناعة لدينا في الوقت الحقيقي بسبب التغيرات الحديثة في نمط الحياة.”
تقول الدكتورة بيلي كارول، الأستاذة في الأمراض الجلدية، أنها عندما تتحدث مع المرضى الذين يأتون الى عيادات الأمراض الجلدية في مشيغان لعلاج مشاكل الجلد التي يمكن أن تسببها الذئبة انه عليها أن تعترف بحدود العلاج الحالية. وتقول انه على الرغم من ذلك، فان المرضى حريصون على المشاركة في الدراسات البحثية التطوعية من خلال المساهمة في عينات الجلد والحمض النووي التي يمكن أن تؤدي الى اكتشافات جديدة حول حالاتهم
المرضية.
وتضيف: “يشعر الكثير من المرضى بالاحباط، لأنهم يضطرون الى تجربة علاجات متعددة، ولا يزال هناك شيء يعمل بشكل جيد. ولكي نكون قادرين على اخبارهم بأننا نعمل على فئران مصابات بالمرض نفسه مثلهم، وأننا بحاجة الى مساعدتهم، فانهم يبدون دوافعهم واهتمامهم بالبحث. فهم يعرفون أنها لعبة طويلة تحتاج الى الكثير من الصبر، فلا بد لهم من التحلي به لأنه سيحقق لهم الراحة التامة يوما ما، ونأمل أن يكون قريبا جدا.”
عن ساينس ديلي