حسين علي الحمداني
الشارع العراقي في جزء كبير منه مشغول الآن بمرحلة ما بعد استقالة رئيس الوزراء والحكومة، ويتطلع الكثير منا كي يرى الحكومة الجديدة التي نتمنى أن تكون ولادتها بعيدة عن سابقاتها من الحكومات التي شكلت بطريقة أدت فيما بعد لما نحن فيه الآن من أزمات من جهة، ومن جهة ثانية أن لا تعتبر القوى السياسية الموجودة حاليا أنّ السلطة التشريعية (غنيمة) يجب تقاسمها وفق قوة كل حزب ومقاعده في البرلمان، وهي الآليات التي اعتادت عليها الأحزاب في تقاسم السلطة في الدورات الماضية. وكان من نتائج هذا التقاسم للسلطة ضعف الخدمات وغياب فرص العمل والأهم انعدام الثقة بين الشعب والطبقة السياسية.
عدنا نسمع من جديد عبارات (الكتلة الأكبر، الاستحقاق البرلماني) وتسريب أسماء مرشحين لشغل منصب رئيس مجلس الوزراء وهذه التسريبات غايتها جسّ نبض الشارع العراقي في مرحلة أولى ومعرفة مدى قبوله أو رفضه لما يطرح من أسماء.
ونجد أن القوى السياسية مازالت تفكّر بمحاولة إعادة إنتاج نفسها دون البحث عن آليات جديدة تتناسب ومطالب الشعب العراقي الذي عبر عن رفضه لهذه الأساليب في إدارة الدولة.
من هنا علينا أن نقول إنّ على القوى السياسية أن تغيير آليات ولادة الحكومة الجديدة والتي سيكون عمرها الزمني نصف دورة انتخابية و يمكننا أن نرى حكومة تمتلك الحد الأدنى من طموحاتنا كشعب وهذا الحد يتمثل بأن تكون بعيدة عن المحاصصة الحزبية ولا نريد أن نقول الطائفية، وثانيا أن يتم اختيار كفاءات حقيقية، وأن تكف الأحزاب عن ممارسة دورها (التجاري) في الوزارات التي تعتبرها الأحزاب موارد مالية تديرها بالطريقة التي تناسبها.
مشكلتنا الحقيقية هي الفساد الذي يقود لمشاكل كثيرة أخرى منها ضعف الخدمات، قلة فرص العمل، هروب الاستثمارات، وبالتأكيد أن القوى السياسية إن فكرت الحكومة الجديدة في تشكيلها بالآليات ذاتها التي إتبعتها سابقا ستكون النتائج استمرار الاحتجاجات الشعبيّة.
وهذا يعني أن تفكر هذه القوى فعليا بأن تكون مختلفة في طريقة تفكيرها هذه المرة وأن تعي حقيقة ما يمر به العراق من أزمات وما تمر به هي نفسها من أزمة فكرية وسياسية جعلتها غير مقبولة في الشارع العراقي الذي يتطلع
لما هو أفضل.
بالنتيجة نجد اليوم أن الشارع العراقي يترقب بحذر ما يجري، والحذر هو نتاج عدم الثقة بإمكانية أن تغير القوى السياسية تفكيرها الذي أصبح لا يتعدى حدود (هذا لي وهذا لك) ومن حق الشارع العراقي أن يكون حذرا في ترقبه وأن لا يبتعد كثيرا في مسارات التفاؤل لأنه يعرف جيدا كيف تفكر الأحزاب العراقية التي لا تريد أن تبتعد عن أساليبها السابقة في تشكيل الحكومة الاتحادية. قد يكون هنالك من يتفاءل بإمكانية ولادة حكومة جديدة تلبي جزءا كبيرا من طموحات المواطن العراقي الآن وتؤسس لنهج جديد في إدارة الدولة العراقية.