فلسفة البناء ..

آراء 2019/12/11
...

حسين الذكر
بزهو كبير قال صديقي الأستاذ عبد العظيم سوادي من أهالي مدينة غمّاس احد اقضية محافظة الديوانية العزيزة .. ان ابنته نجحت من الإعدادية الفرع العلمي بمعدل 96 خلال مشوار دراسي لم ترسب او تتلكأ بأي سنة فيه، علما انها من بيئة شبه ريفية.. وهذا ما يدعو للفخر وقد أسعدت كثيرا بذلك فنحن نعيش بوطن نابض بنوابغه وخيراته برغم كل ما فينا من مواجع ممتدة من الجبال الى النواعير الى الاهوار .. المفاجأة كانت مدوية حينما سألته بأي كلية طبية تم قبولها  .. فقال في المعهد التقني محافظة النجف الاشرف، مما اثار ضجة وشكل صفعة لمن سمع الخبر.. يعقل ان الحكومة لا ترعى الاذكياء والمتفوقين لاسيما من أبناء الفقراء .. (96) بالمئة .. لا يسمح لها ان تدرس في كلية طبية.. هل حجزت الدراسات الطبية لابناء الذوات والسياسيين والتجار ....... (والفجار) .. فيما شحت على نوابغ الوطن ..ذهبت بمعية الاستاذ علي صاحب لنعزي صديقنا حاتم عطية بوفاة المغفور لها والدته.. 
وقد مررنا بشوارع وازقة مدينتنا التي صرفت عليها مليارات المليارات منذ التغيير حتى الان تحت عنوان البنية التحتية وشبكة المجاري وتحسين الخدمات وتبليط الطرق ومواجع تبديل الأرصفة كل سنة تقريبا.. لكن وجدتها بعد غياب طويل على ما هي عليه قبل 2003 بل اسوأ من ذلك .. ما زالت مدينتنا (الحرية) كما كان أطفالها أيام العيد من القرن المنصرم يرددون في الأعياد (وصلنا المدينة حيث الوسخ والطين).. فمدن العرب وبقية جيراننا من المتحضرين ينتظرون غيث المطر ليتزوّدوا وتغتسل به بيئتهم واجسادهم ونفوسهم وتزهو مدننهم وتنضر حدائقهم.. فيما نحن ومن أول زخات مطر تغرق بيوتنا وتزداد كميات الطين والبرك تغطي الشوارع والساحات والارصفة... 
ومعها كم هائل من الجراثيم والامراض... وغير ذلك من الاستغلال المؤسساتي تحت عنوان سحب المياه وفتح المجاري.. يذكر مؤرخو الثورة الفرنسية التي تعد نقطة فاصلة بين حضارتين عالميتين.. ان فولتير كان يخطب بالجماهير قبل الثورة التي دائما ما يمهّد وينظر لها الفلاسفة فيما ينفذها الشجعان ثم  يستولي عليها الانتهازيون والمجرمون.. وقد كان حديثه عن أهمية الحرية... واذا بامرأة عجوز تنبري له مقاطعة من بين الجموع: (أيّها السيد هل كلامك هذا يخرج ابني من سجن الباستيل)!! فرد الفيلسوف قائلا: (سيدتي .. ان الحرية التي نتكلّم عنها لا تختص بإطلاق سراح ابنك فقط .. بل هي حرية وطن).. هنا لب إشكالية لا يعيها الجهلاء ممن ابتليت بهم الأوطان.. فالبعض ينظر من زاويته السفسطائية.. اذا كان هو يعيش ببحبوحة السلطة مهما كانت ظالمة يتصور ان العالم كله بخير .. واذا شح الخير عنده ولو لدرجة بسيطة نراه يملأ الدنيا ضجيجا وكأن العالم بكارثة تحيق به.. في العراق سنكون بخير حينما يكون القانون فوق الجميع.. لا فرق بين أعجمي وعربي إلّا بالتقوى كمنطق إسلامي وقاعدة قرآنية ثابتة.. ولا عراق ان لم يحترم به الانسان أولا دون الخوض بتفاصيله الأخرى من قبيل (سني شيعي كردي عربي مسيحي ازيدي صائبي .. وغيرها من وضعيات دفعنا الكثير بسبب ما لصق بنا منها.. بلا سبب وبلا وعي.. والله حامي الشعوب 
حافظها).!!